تستخدم إسرائيل منذ تأسيسها بقرار غربي على أرض فلسطين التاريخية بمساعدة حلفائها في العالم، أساليب احتيال وذرائع مختلقة لكسب تأييد دولي لها بحجة أنها مهددة بالزوال. 

فلا شك أن إسرائيل تنجح حتى الآن في تعبئة العالم خلف تهربها من استحقاقات عملية السلام مع القيادة الفلسطينية بحجة أن هناك خطراً إيرانياً يهدد وجودها، بل وتستغل ذلك في البحث عن التطبيع من دول عربية إضافية. 

ويقول رئيس اللجنة السياسية في المجلس الثوري لحركة فتح أحمد صبح في تصريح لموقع "أركان" إن استراتيجية إسرائيل بالكامل تقوم على تجاهل القضية الفلسطينية، ولكن تجالها لا يعني أنها غير موجودة، وبالتالي استعملت القضية الايرانية من أجل التطبيع باعتبار أنه هناك خطرا إيرانيا ولا يوجد خطر إسرائيليي وهذا تم بتشجيع كبير من الإدارة الأمريكية السابقة. 

ويضيف صبح بأنه على مدى أربع سنوات من حكم إدارة ترامب بنى كل سياسته في الشرق الأوسط على أن ايران هي المشكلة وليست إسرائيل، بالتالي نفتالي بنت رئيس حكومة إسرائيل يكمل بهذا السياق، لأنه غير جاهز لأي استحقاق، ليس فقط غير جاهز لعملية سياسية تؤدي الى انهاء الاحتلال، هو غير جاهز لأي لقاء لأنه أصلا لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني ولا بالأرض ولا بحقوق الشعب الفلسطيني والباقي كله تفاصيل. 

وتابع صبح بأن بينيت يبحث عن أي سبب، والسبب الإيراني موجود، صحيح ان إيران تعطي مبررات لمشاكل كثيرة ولكن ايران لم تكن ابدا المشكلة الرئيسية بقدر ما هي الاحتلال،  لذلك كل سياسة حكومة إسرائيل الحالية والسابقة مبنية على هذا التوجه. 

التشجيع الأمريكي السبب 

ويشير صبح الى أنه لولا التشجيع الأمريكي لما كان ذلك لأنه في نهاية المطاف كلما هربوا الى الامام بتجاهل الحقوق الفلسطينية كلما زادت القصة صعوبة وعلى الجميع، خاصة الفلسطينيين  ومن جهة ثانية إسرائيل تعرف ان هذا الكلام لن يطول كثيرا فهم يسابقون الزمن في فرض وقائع جديدة على الأرض لا يمكن تجاوزها، وهي قتل أي إمكانية لحل الدولتين من خلال الاستيطان، وخاصة في المناطق التي كانت الإدارات الامريكية المتعاقبة تمنع إسرائيل العمل فيها مثل منطقة القدس، بيت لحم والوسط جنوب نابلس لان في ذلك خلق معازل ولا يوجد أي فرصة لدولة متواصلة جغرافيا.

اقرأ/ي أيضاً: المقاومة الشعبية.. إنجازات أكثر وخسائر أقل

وأردف صبح بأن إسرائيل تعرف بأنه في أية لحظة من اللحظات سيفرض عليها التعاطي الجدي مع الموضوع لهذا من جهة يحاولون كسب الوقت، ويصعدون من الاستيطان من جهة ثانية باسم أن هناك خطرا إيرانيا موجودا، ولا احد يتحدث بشيء اخر. 

حكومة بينيت قوية بالاستيطان وهشة بالسياسة   

واستهجن صبح ما تروجه حكومة إسرائيل عن أنها هشة وقابلة للحل اذا ما تحركت سياسيا مع الفلسطينيين بينما هي قوية جدا وتستطيع توسيع وتكثيف الاستيطان، مضيفا بأن هذه هي رسالة التناقض التي يجب ان تواجه بها الإدارة الامريكية. 

من يؤمن بحل الدولتين فعليا عليه الاعتراف بدولة فلسطين 

وجدد صبح المطالبة للدول التي لم تعترف بعد بدول فلسطين بتنفيذ ذلك فعليا، مشيرا الى أن من يقول انه مع حل الدولتين وخاصة أوروبا على وجه التحديد، فهم  يرون ان اسرائيل تفرض حقائق جغرافية على الأرض وهم غير جاهزين لفرض حقائق سياسية لا يجوز تجاوزها وهي الاعتراف بالدولة الفلسطينية. 

وأضاف صبح أن على أوروبا أن تعمل على فرض حقائق سياسية مقابل ما تحاول إسرائيل فرضه من حقائق جغرافية على الأرض، وهذا سبب مطالبتنا الدائمة لهم بأن من يقول إنه مع حل الدولتين يفترض به أن يعترف بدولة فلسطين. 

إسرائيل دائمة اختراع الذرائع  

من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي د هيثم ضراغمة لموقع "أركان" إن إسرائيل دائما تتذرع بأن وجودها ليس بآمن، وكانت دائما وأبدا تقول ان هناك خطرا استراتيجيا على وجودها، كان العراق سابقا والآن ايران. 

ويؤكد ضراغمة بأن إسرائيل تسعى الى عدم تقديم أي شيء فيما يخص العملية السلمية، أو  وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم  منوها الى أن ايران ليست دولة جديدة ولا تمتلك الأسلحة التي تدعيها إسرائيل منذ زمن بعيد، ولا يوجد اخطار حقيقية. 

الخطر الإيراني وسيلة كسب اقتصادي لإسرائيل 

ويضيف ضراغمة بأن إسرائيل تستخدم هذه الشماعة من مساعدات عسكرية ومالية من العديد من الدول وخاصة الإدارة الأمريكية، بذرائع انها تسعى لحماية نفسها من الخطر الذي يداهمها وهو الخطر الإيراني وهي تحاول الحصول على ما يمكن الحصول عليه بأعلى  حد ممكن. 

ذريعة للتطبيع 

بحسب الكاتب والمحلل السياسي هيثم ضراغمة فإن إسرائيل استغلت الخطر الإيراني المزعوم دائما للسعي الى الحصول على تنازلات من الدول العربية وهي تريد أيضا الحصول على تنازلات من الفلسطينيين.

ويضيف بأنه للأسف شهدت السنتين الأخيرتين عمليات تطبيع عربي مع إسرائيل دون تقديم أي استحقاق للفلسطينيين ودون تقديم أي شيء، ما يخلق تحديا على الفلسطينيين بضرورة تفعيل العمل الدبلوماسي على الصعيد العربي والدولي بشكل أكبر ضمن استراتيجية جديدة بعيدة عن العمل الرسمي، للتمكن من مجابهة روايتها الإعلامية على صعيد الرأي العام العالمي وفضح ممارستها على الأرض. 

إيران تساعد إسرائيل في ترويج روايتها 

من جهته يرى أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت محمد أبو الرب بأن ايران تساعد إسرائيل في هذه الذريعة من خلال تصريحات مسئوليها حول استهداف إسرائيل من ناحية، ومن ناحية ثانية تدخلاتها بشؤون بعض الدول العربية واستهدافها أحيانا. 

ويتابع أبو الرب بأن إسرائيل تستغل علاقة ايران بالفصائل الفلسطينية والتصريحات المستترة للقادة الإيرانيين بأنه بعض الفصائل هي أدوات للسياسة الخارجية الإيرانية وللأسف القادة الإيرانيين يساعدون إسرائيل بهذه الذرائع، التي تستغلها حكومة الاحتلال امام الرأي العام العالمي، لوسم الفلسطينيين بالإرهاب او انهم جزء من مصالح ايران في المنطقة. 

إسرائيل تتهرب من استحقاقات السلام بحجة أمنها القومي  

ويضيف أبو الرب لموقع "أركان" بأن إسرائيل تتهرب من عملية السلام لأنه عندما تهدد ايران بتصريحات باستهداف إسرائيل وللأسف الامن القومي الإسرائيلي محل اجماع للمنظومة الدولية، بالتالي تعطي تعاطفا دوليا وهذا يعطي إسرائيل ذريعة. 

ويردف أبو الرب بأنه ليس هناك خطرا حقيقيا على إسرائيل، من قبل ايران وما يجري من تصريحات هي فقط  جزء كبير منها للاستهلاك الإعلامي والشعبوي،  واستغلال القضية الفلسطينية التي تستغل بهذا السياق من أنظمة مختلفة. 

ويؤكد أبو الرب بأن ايران لم تهدد ولم تقم بتهديد المصالح الإسرائيلية، حتى مع كل الضربات التي تلقتها من إسرائيل بالفترة الماضية. 

إسرائيل تستغل الخطر الإيراني للتقارب مع العرب 

يرى أستاذ الاعلام بأن إسرائيل وأمريكا قادرين على تضخيم الخوف من الخطر الإيراني وتصريحات البعض من الدول التي ضخمت من الخطر الإيراني خاصة مع بعض الدول العربية في الخليج والتي ترافقت مع محاولات فعلية  للتدخل في شؤون تلك الدول، من خلال دعم وكلاء لها بالمنطقة. 

وينبه أبو الرب بأن ذلك زاد من توجهات بعض الدول للتنسيق مع إسرائيل أو التطبيع معها، بل للأسف أصبح الخطر الإيراني جزء من تبرير بعض دعاة التطبيع العرب بأن إسرائيل ليست خطرا فهي لم تحتلنا او غير ذلك، بينما ايران دعمت بعض الأطراف لاستهداف مصالح تلك الدول العربية،  وعندما يتعلق الامر بإسرائيل يبقى الامر في اطار التهديدات وليست أفعال، ما يشكك بتوجهات ايران تجاه المنطقة.