هل اقتربت إيران والغرب من التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووى، يتيح رفع العقوبات الغربية خصوصا الأمريكية، وما مدى تأثير كل ذلك على الأوضاع فى الخليج العربى والمنطقة عموما؟.
أطرح هذا السؤال؛ لأنه من الواضح وجود تطورات ملموسة فى مفاوضات إيران مع الدول الغربية فى الجولة السابعة بالعاصمة النمساوية فيينا، بعد توقف استمر أكثر من خمسة شهور.
فى الأسبوع قبل الماضى كان لافتا للنظر التصريحات الإيرانية والغربية بوجود تقدم فعلى على الأرض.
حسين أمير عبداللهيان، وزير الخارجية الإيرانى، قال عبر تغريدة على تويتر: «الاتفاق فى متناول اليد، إذا أبدى الغرب حسن النية، والمفاوضات جدية، ونسعى لحوار منطقى وهادف للوصول إلى اتفاق».
فى المقابل قال دبلوماسى أوروبى لـ«رويترز» فى التوقيت نفسه: «تم الانتهاء من صياغة ٧٠٪ ــ ٨٠٪ من الاتفاق، لكنه ليس اتفاقا نهائيا، ويمكن أن يتغير، ولا نريد أن نضع موعدا نهائيا للمحادثات».
وكما نعلم فإن إيران تصرُّ على رفع كامل للعقوبات المفروضة عليها، وأن تتعهد واشنطن بعدم فرض هذه العقوبات فى المستقبل، وهو أمر لا يمكن أن تتعهد به الإدارة الأمريكية إلا إذا أقر الكونجرس الاتفاق كقانون.
وفى المقابل تصرُّ واشنطن والدول الغربية على ضرورة التزام إيران بسلمية برنامجها النووى، وأن تسلِّم أو تدمر أجهزة الطرد المركزى المتطورة ذات القدرة على إنتاج اليورانيوم عالى التخصيب، وأن تعود للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء وصلت إلى ٢٠٪ فى موقع فوردو قرب مدينة قم.
وبغض النظر عن التفاصيل الكثيرة المتعلقة بمفاوضات فيينا، فإن هناك احتمالا معقولا بالوصول إلى اتفاق، وأغلب الظن أن هذا الاتفاق المحتمل لن يحقق كامل مطالب أى طرف.
لكن المراقبين لهذا الملف منذ سنوات، يُجمعون على أن إيران ستكون الطرف الأكثر استفادة وربحا من أى اتفاق؛ لأنه ببساطة سيقود لرفع العقوبات التى تخنق الاقتصاد، وإلى عودة العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب، وبالتالى سوف يغيِّر كامل المشهد السياسى فى المنطقة بأكملها.
وليس من الواضح المدى الذى وصله البرنامج النووى الإيرانى، الإسرائيليون يسربون معلومات طوال الوقت بأنهم يملكون معلومات مؤكدة بأن إيران تخطط لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل لـ ٩٠٪، وهو ما يتيح لها إنتاج قنابل نووية، لكن طهران تقول إن تل أبيب تروج الأكاذيب لإفساد مفاوضات فيينا بكل الطرق.
لكن من الواضح جدا أن إيران حققت نجاحات نسبية فى عملية المفاوضات، حينما أصرت على ضرورة مراعاة مصالحها وشواغلها فى المفاوضات، مستغلة أن الرئيس الأمريكى جو بايدن أعلن فى برنامجه الانتخابى قبل مجيئه للبيت الأبيض أوائل هذا العام، أنه سوف يتفاوض مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووى الذى تم توقيعه بين إيران والغرب عام ٢٠١٥، وانسحب منه الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عام ٢٠١٨.
وحينما يقول مسئول أوروبى إنه تم الانتهاء من صياغة حوالى ٨٠٪ من الاتفاق، فمن الواضح أننا فى نهاية الشوط الثانى من المباراة بين الطرفين التى تشارك فيها إيران وكل من روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى مفاوضين أمريكيين، ولكن بصورة غير مباشرة.
الخوف الأمريكى والغربى هو أن إيران تحاول خلق حقائق على الأرض، أى تخصيب اليورانيوم بنسبة كبيرة، ما يتيح لها تصنيع القنبلة النووية، وهى الحالة التى تصفها واشنطن بأنها إذا حدثت فإنها تشبه «إحياء جثة ميتة»، ووقتها ستكون كل الخيارات مفتوحة، حسب تعبير روبرت مالى مبعوث بايدن المعنى بالملف الإيرانى.
القوى الغربية لا تعرف حتى الآن نوايا إيران، وهل إدارة الرئيس إبراهيم رئيسى جادة فى التفاوض على صفقة تتضمن تسويات ضرورية، أم أنها تتلاعب بالوقت لتخصيب مزيد من اليورانيوم بنسبة نقاء ٩٠٪ لتصنيع سلاح نووى، تقول إيران إنها لا تريد إنتاجه!!!.
وبغض النظر عن كل التفاصيل، فإن السؤال الجوهرى الذى يهمنا نحن العرب: وماذا أعددنا لنتيجة المفاوضات الجارية فى فيينا.. خصوصا إذا تم التوصل لاتفاق؟!
سؤال يستحق التفكير والبحث والعودة للنقاش بشأنه.