بعد أن عمت صافرات الإنذار في الدوائر الصحية الأوروبية إزاء تطورات المشهد الوبائي على أبواب فصل الشتاء وموسم الإنفلونزا التقليدية الذي ينذر بإصابات مضاعفة مقارنة بالعام الماضي حسب التقديرات، وبعد التحذيرات التي صدرت عن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا من أن نصف مليون شخص إضافي قد يلقون حتفهم في أوروبا بسبب «كوفيد – 19» بحلول مطلع فبراير (شباط) المقبل، جاء الآن دور المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها، لينبه إلى أن «الوضع الوبائي العام في البلدان الأوروبية يبعث على القلق الشديد إزاء الارتفاع السريع في عدد الإصابات اليومية الجديدة والازدياد المطرد في عدد الوفيات».
وجاء في التقرير الأسبوعي الأخير للمركز أن أكثر ما يبعث على القلق في الوضع الراهن هو معدلات ازدياد الإصابات الجديدة والوفيات اليومية وعدد الحالات التي تستدعي العلاج في المستشفى وفي وحدات العناية الفائقة، وأن هذا المنحى التصاعدي يرجح أن يستمر على الأقل حتى نهاية الشهر الجاري.
ويستفاد من التقرير أن النسبة الأعلى من الإصابات الجديدة في أوروبا تسجل منذ أسابيع بين البالغين دون الخمسين من العمر، وأن عدد الإصابات بين المسنين ترتفع باطراد أيضاً، فضلاً عن تفاوت كبير في الأرقام والمعدلات بين البلدان. وينبه خبراء المركز إلى أنه «فيما يشكل المشهد الوبائي العام في أوروبا مصدراً للقلق، يبقى الوضع في البلدان التي تسجل معدلات متدنية من التغطية اللقاحية مبعثاً للقلق الشديد يقتضي الإسراع في اتخاذ تدابير وقائية صارمة وجذرية».
وتفيد بيانات المركز بأن معدل الإصابات الجديدة في أوروبا بلغ 383 حالة لكل مائة ألف مواطن في الأسبوع المنصرم، وذلك بزيادة ملحوظة للأسبوع الرابع على التوالي، فضلاً عن أن معدل الوفيات أيضاً يسجل زيادة مطردة للأسبوع منذ مطلع الشهر الفائت إلى أن بلغت 35 حالة وفاة نهاية الأسبوع الماضي. وأفاد التقرير بأن 27 من البلدان الأوروبية أبلغت عن ازدياد ملحوظ في معدل الإصابات التي تحتاج إلى العلاج في المستشفى أو العناية الفائقة خلال الأسبوع الماضي مقارنة بالأسبوع الذي سبقه.
اقرأ/ي أيضاً: وزير الأشغال: افتتاح مشروع برج الإيطالي وحي الندى
وتجدر الإشارة إلى أن تقديرات خبراء المركز للمشهد الوبائي في البلدان الأعضاء، التي تستند إلى معدل موحد يحتسب على أساس المؤشرات الوبائية على مدى خمسة أسابيع، أظهرت أن ثمة 10 بلدان؛ هي بلجيكا وبلغاريا وكرواتيا وتشيكيا وإستونيا واليونان والمجر وهولندا وبولندا وسلوفينيا، يشكل فيها المشهد الوبائي مصدراً للقلق الشديد، وأن 13 أخرى هي النمسا والدنمارك وفنلندا وألمانيا وأيسلندا وآيرلندا ولاتفيا وليتوانيا ولوكسمبورغ والنرويج ورومانيا وسلوفاكيا يستدعي الوضع الوبائي فيها القلق، فيما المشهد الوبائي في قبرص وفرنسا والبرتغال وإيطاليا ومالطا والسويد وإسبانيا لا يستدعي سوى قدر متدنٍّ من القلق. لكن يشدد الخبراء في الوقت نفسه على أن المشهد الوبائي الأوروبي يتطور بسرعة منذ أسابيع، دائماً نحو الأسوأ، ويدعون السلطات الصحية إلى الترصد الوثيق وأقصى درجات الحذر.
ويتوقع التقرير أن المشهد الوبائي الأوروبي سيشهد خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة على الأقل، ارتفاعاً مطرداً في عدد الإصابات اليومية الجديدة، والحالات التي تستدعي العلاج في المستشفى وفي وحدات العناية الفائقة، وفي معدلات الوفيات.
إلى جانب ذلك، اقتربت ألمانيا، أمس، من عتبة خمسة ملايين إصابة بـ«كوفيد» منذ بداية الجائحة، بعد أن حطمت رقماً قياسياً جديداً في عدد الإصابات اليومية لليوم السادس على التوالي. وأعلن وزير الصحة الألماني استئناف توزيع الاختبارات المجانية اعتباراً من اليوم (السبت)، في محاولة لرصد أكبر عدد ممكن من الإصابات الجديدة وقطع سريانها. يذكر أن ألمانيا أوقفت التوزيع المجاني للاختبارات مطلع الشهر الفائت لدفع المواطنين إلى تناول اللقاح، لكن الإجراء لم يؤتِ النتيجة المنشودة ولم تسجل وتيرة التلقيح تحسناً ملحوظاً.
وإزاء الارتفاع الحاد والسريع في عدد الإصابات اليومية الجديدة والوفيات في ألمانيا، كانت المستشارة أنجيلا ميركل توجهت إلى مواطنيها غير الملقحين، مذكرة بأن من واجبهم المساهمة في حماية البلاد، وأن توفر اللقاحات ضد الوباء من الإنجازات العلمية والتكنولوجية التاريخية.
من جهتها، أعلنت السلطات الصحية الهولندية حزمة جديدة من التدابير الوقائية الصارمة أمام الارتفاع الحاد الذي شهدته البلاد في عدد الإصابات الجديدة خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة، وقررت إلزام المتاجر غير الأساسية بالإقفال عند الساعة السابعة، كما دعت الشركات والمؤسسات إلى الاعتماد قدر الإمكان على العمل عن بُعد، ونبهت إلى أن تدابير أكثر صرامة قد تتخذ قريباً إذا لم يطرأ تحسن ملموس على المشهد الوبائي.
وقالت هيئة الإذاعة الهولندية (إن.أو.إس) إن الإغلاق سيدخل حيز التنفيذ مساء اليوم، في محاولة لوقف زيادة في حالات الإصابة بـ«كوفيد – 19» التي سجلت رقماً قياسياً، الخميس. وهذا هو أول إجراء من هذا القبيل في أوروبا الغربية منذ فصل الصيف.
وبموجب الإغلاق، ستحث السلطات المواطنين على العمل من المنزل قدر الإمكان، ولن يُسمح للجماهير بحضور الأحداث الرياضية في الأسابيع المقبلة، بما في ذلك مباريات كرة القدم. وستبقى المدارس والمسارح ودور السينما مفتوحة.
وزادت الإصابات الجديدة بفيروس كورونا بشكل سريع في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 17.5 مليون نسمة بعد رفع إجراءات التباعد الاجتماعي في أواخر سبتمبر (أيلول)، ووصلت إلى مستوى قياسي بلغ نحو 16300 إصابة، الخميس.
أما النمسا، فتعتزم فرض إغلاق على مستوى البلاد أمام غير الملقحين. وأعلن المستشار النمساوي ألكسندر شالنبرغ أنه سيُجرى فرض إغلاق على الأشخاص الذين لم يتلقوا لقاح كورونا، في إطار إجراءات مكافحة الجائحة. وقال شالنبرغ، الجمعة، إن القرارات ذات الصلة ستتخذ يوم الأحد المقبل، في ضوء الزيادة الحادة في عدد الإصابات بـ«كورونا».