دعت 5 دول أعضاء بمجلس الأمن الدولي -امس الثلاثاء- إلى وقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
جاء ذلك في بيان أصدره ممثلو فرنسا وإستونيا وأيرلندا والنرويج، وألبانيا العضو القادم في المجلس اعتبارا من يناير/كانون الثاني المقبل، وذلك عقب انتهاء جلسة مشاورات مغلقة عقدها المجلس لمناقشة قرار إسرائيل الصادر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي صنّف 6 منظمات فلسطينية على أنها "إرهابية".
وقال مندوب إستونيا الدائم لدى الأمم المتحدة سفين يورغنسون -للصحفيين بمقر المنظمة الدولية في نيويورك- إن الدول الخمس اتفقت على إصدار بيان دعت فيه حكومة إسرائيل إلى وقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأضاف "نكرر معارضتنا القوية لتوسيع المستوطنات، ونؤكد أننا لن نعترف بأي تغييرات لحدود ما قبل عام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، بخلاف تلك التي يتفق عليها الطرفان".
وحول موقف الدول الخمس من قرار إسرائيل الخاص بالمنظمات الفلسطينية، قال السفير الإستوني "نأخذ على محمل الجد هذا التصنيف الذي يمثل مصدر قلق بالغ، وسوف ننخرط مع السلطات الإسرائيلية للحصول على مزيد من المعلومات فيما يتعلق بأساس هذه التصنيفات".
اقرأ/ي أيضاً: وزير خارجية مصر: قلقون من التوسع التركي واستضافة قادة الاخوان
وتشير بيانات حركة “السلام الآن” الحقوقية الإسرائيلية، إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن إسرائيلي و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وقبل 3 شهور دعت باريس وبرلين ولندن وروما ومدريد إسرائيل إلى “إنهاء سياستها في توسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة” التي وصفتها بأنها “غير قانونية”، ووقف عمليات الإخلاء في القدس الشرقية.
تواصل سلطات الاحتلال ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، حيث وصل الاستيطان إلى كل المناطق فيها بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة “بصمت” دون إعلان رسمي.
ويرى مراقبون فلسطينيون أن تسارع عمليات إسرائيل على الأرض بالتوسع الاستيطاني يجعل من خيار حل الدولتين على حدود العام 1967 أمرا مستحيلا فيما البديل سيكون دولة بنظام فصل عنصري، وان تركز البناء الاستيطاني والمستوطنات المقامة في مراكز استراتيجية يقتل فكرة إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.
يقول خبير الاستيطان ومدير دائرة الخرائط في جمعية (بيت الشرق) الفلسطينية في القدس خليل تفكجي إن توزيع المستوطنات على رؤوس الجبال وإحاطة القرى الفلسطينية يدلل على أن إسرائيل لا تريد ولا ترغب بأي شكل إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.
ويضيف تفكجي أن إسرائيل تطمح لإقامة التواصل فيما بينها عن طريق الجسور وبالتالي ما يتم الآن في البناء والتوسع الاستيطاني يهدف إلى أن تكون إقامة دولة فلسطينية في مكان آخر وليس بالضفة الغربية.
ويشير إلى أن ما نسبته 60 بالمائة من مساحة الضفة الغربية الآن أصبح تحت السيطرة الإسرائيلية سواء تحت إطار محميات طبيعية أو مناطق عسكرية مغلقة أو مناطق (ج) خاضعة لسيطرة أمنية وإدارية لها.
ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسية لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف العام 2014.
ويقطن ما يزيد على 600 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس.
ويطالب الفلسطينيون المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في تطبيق القرارات الصادرة عن المنظومة الدولية المتعلقة بوقف الاستيطان واعتباره غير شرعي خاصة القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في العام 2016.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حذر من أن رفض إسرائيل لحل الدولتين على حدود العام 1967 يفرض على الفلسطينيين الذهاب إلى خيارات أخرى كالعودة للمطالبة بقرار التقسيم للعام 1947 أو الذهاب إلى الدولة الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية.
وقال عباس إن الدولة الواحدة التي تتحقق فيها الحقوق السياسية والمدنية الكاملة للفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية، وليس الدولة الواحدة التي تقوم على تأييد الاحتلال وفرض نظام الأبارتهايد والفصل العنصري.
وسبق أن أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 25 سبتمبر الماضي طرح مبادرة لانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية منذ العام 1967 بما فيها القدس خلال عام واحد، مهددا بسحب الاعتراف الفلسطيني بها في حال عدم قيامها بذلك ومنع تحقيق حل الدولتين.
بيانات حديثة صدرت عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، كشفت أن ثلث الأميركيين الذين هاجروا إلى إسرائيل في العام الماضي، كانوا أكثر ميلاً للانتقال إلى مستوطنات الضفة الغربية، مقارنة بالمهاجرين من دول أخرى.
رئيس مجلس يهودا والسامرة الإقليمي يوسي دغان أشاد بدوره بالنمو الاستيطاني الأخير، "لا يمكننا القول إن تجميد بناء المستوطنات الذي دام قرابة العام قد انتهى. الهدف مليون يهودي في (السامرة) الضفة، وهذا ما سنصل إليه مع أي حكومة. هذا هو الأمر الأساسي في حقوق الإنسان، أي القدرة على النمو والتطور".
في المقابل، يقول وليد عساف، وزير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إن "الحكومة الإسرائيلية تعي تماماً بل وتؤمن بأهمية الاستيطان في الضفة الغربية، فهي تشرف على التوسع وتدعمه وتموله، وتعطي المستوطنين امتيازات كثيرة، حتى إنها تشجعهم على الانتقال إلى السكن في المستوطنات وتقسيمها إلى كانتونات (تقسيم إداري صغير) معزولة عن بعضها البعض لخنق حياة الفلسطينيين ومنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي".
ويبلغ عدد الدول التي اعترفت بفلسطين كدولة مستقلة 139 دولة، أي حوالي 70 بالمئة، من أصل 193 دولة بالأمم المتحدة.