يتعرض جهاز المخابرات الاسرائيلية الخارجية (الموساد)، إلى هزة كبيرة، جراء إقدام ثلاثة جنرالات على تقديم استقالاتهم، ومن المتوقع لحاق عدد آخر منهم، بفعل التغييرات التي يجريها رئيس الجهاز الجديد ديفيد برنياع، الذي تولى مسؤولية الجهاز في شهر يونيو (حزيران) الماضي، الأمر الذي اعتبرته مصادر أمنية إسرائيلية بأن ما يجري يحمل بعد استراتيجي خطير، وهو بمثابة هزة كونية في الجهاز، ويخشى أن تترك خطوة الاستقالات آثاراً مدمرة، وتقوض عمليات استراتيجية مقررة فيه. 

وبحسب صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، فإن الجنرالات الثلاثة الذين أقدموا على الاستقالة يشغلون رئاسة أقسام مركزية، وخطوتهم جاءت احتجاجاً على التعديلات الجوهرية في هيكلة الجهاز.

ووفق مصادر رفيعة المستوى، فإن الجنرالات الثلاثة أقسام مهمة وهي: قسم التكنولوجيا، قسم الحرب على الإرهاب، وقسم "تسوميت"، المسؤول عن تشغيل العملاء. وتوقعت المصادر ذاتها أن يستقيل أيضاً رئيس قسم "الحرب الاستراتيجية" في الموساد. 

اقرأ/ي أيضاً: الصحة العالمية تطالب بالعودة لقيود كورونا المشددة

وحذر مسؤولون سابقون في الجهاز من تبعات هذه التغييرات، وتأثيرها على العمليات المخططة في الفترة القريبة، "إذ إن الموساد يعيش اليوم في أوج عملياته النوعية لخدمة الهدف الاستراتيجي في مكافحة إيران وأذرعها".

المعروف أن رئيس "الموساد" السابق، يوسي كوهن، كان قد أسس لعلاقات ودية متينة داخل الجهاز، وتمكن من تركيز جل الجهود للعمليات الخارجية، خصوصاً العمليات التي نفذت على الأراضي الإيرانية لمكافحة المشروع النووي، وشملت اقتحام طهران وجلب عشرات آلاف الوثائق من الأرشيف النووي فيها إلى "إسرائيل" وتنفيذ عمليات تخريب واغتيال. 

ولكن نائبه الذي خلفه، ديفيد بارنياع، رئيس الموساد الحالي، الذي عينه للمنصب رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، وتسلم منصبه في مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي، قرر إجراء تغييرات جوهرية عميقة في الموساد. فألغى عدة دوائر وأقسام اعتبرها قديمة وليست ذات جدوى.

ودمج بعض الدوائر والأقسام. وقام بتوسيع دوائر أخرى تختص بالتكنولوجيا وحرب السايبر والعمليات القتالية خارج الحدود. ونتيجة لهذه التغييرات، سيخسر عدد كبير من كبار الضباط وظائفهم وسيضطرون لترك الجهاز. وسيخسر بعض الجنرالات صلاحياتهم. لذلك يثير الأمر غضباً عارماً في صفوفهم، ويقسمهم إلى معسكرين أو أكثر. 

وهناك من يرى أن هذه التغييرات قد تؤدي إلى ضعف في الأداء وضرب للروح المعنوية ومساس في خطط العمليات الجريئة، وتساءل بعضهم عن السبب المنطقي في هذه التغييرات، حيث إن بارنياع كان في منصب نائب رئيس الموساد منذ عام 2019، ولم يذكر أو يلمح إلى ضرورة إجراء هذه التغييرات، وعدها البعض "مجرد استعراض عضلات وعملية إثبات وجود يقوم بها رئيس الموساد الجديد كي يفرض سيطرته على زملاء الأمس الذين لا يتقبلونه قائداً".

يذكر أن رئيس جهاز المخابرات العامة (الشاباك) السابق، نداف بيرغمن، كان قد أجرى تغييرات شبيهة عند تعيينه للمنصب. وشكاه بعض جنرالاته إلى رئيس الوزراء، نتنياهو، في حينه، إلا أنه لم يرتدع. وفسر خطوته على أنها "ضرورية لإنعاش الجهاز وبث روح التجديد فيه وتحسين أدائه". وقد حظي بدعم نتنياهو في حينه.

ولذلك ينتظر بارنياع، الآن، سماع رأي رئيس الوزراء الجديد، نفتالي بنيت، حتى يتمكن من حصر أضرار التغييرات على رئاسة أركان الموساد وعملياته.

وهو يتوقع أن يحظى بالغطاء اللازم ليعزز مكانته كقائد للجهاز، ويقول إن دعم القيادة السياسية له في هذه الخطة ضروري لمنع وقوع أضرار في أداء الموساد.