تواصل المقاومة الشعبية السلمية بشتى أنواعها التي يمارسها الفلسطينيون ضد الاحتلال الإسرائيلي، تحقيق نتائج وانتصارات في محطات عدة وقضايا مختلفة على الصعيد المحلي والدولي لصالح القضية الفلسطينية، كما في مواجهة الاستيطان، وصولاً لحركات الدعم والمقاطعة للاحتلال اقتصاديا وأكاديمياً، الأمر الذي يدعو لتعزيزها بعيداً عن الفصائلية.
بلدة "بيتا" نموذجاً
بلدة "بيتا" الواقعة شرقي مدينة نابلس بالضفة الغربية، تشكل نموذجاً من تلك النجاحات التي حققت فيها انتصارات أكثر من مرة ضد مخططات استيطانية منذ العام 1988م، إلى جبل العرمة وأخيرا في قمة جبل صبيح.
ويقول نائب رئيس بلدية بيتا موسى حمايل لموقع "أركان" :" إن المقاومة الشعبية في "بيتا" نجحت كونها ألغت الفصائلية ومنعت احتوائها من أية جهة وتوحد الجميع تحت علم فلسطين فقط.
ويضيف حمايل بأن "بيتا" انتصرت قبل أشهر بطرد المستوطنين من البؤرة الاستيطانية المقامة على جبل صبيح وها هي اليوم تستمر في فعالياتها حتى إزالة جميع الييوت في الجبل.
اقرأ/ي أيضاً: العودة للعمل في إسرائيل .. حلم عمال غزة
وبحسب حمايل لم يكن يوم الأحد الماضي يوما عاديا بل فتحا وانتصارات جديدا عندما وصل نشطاء وأهالي البلدة إلى قمة الجبل وقاموا بقطف ثمار الزيتون بينما جنود الاحتلال لم يستطيعوا فعل أي شيء.
ويشير حمايل إلى قضية هامة وهي أن المواطنين رفضوا إجراء أي تنسيق مع جيش الاحتلال في هذه الفعالية من أجل الوصول إلى زيتونهم وهنا كان كسرا لأمر واقع يحاول الاحتلال فرضه.
ويوضح حمايل بأن المقاومة الشعبية وحدت الجميع وألغت أية نوع من الفصائلية وشكلت نموذجا يحتذى به في الوحدة الوطنية وهذا أحد أهم عوامل نجاحها في البلدة.
أما عن العامل الثاني يضيف حمايل بأن المقاومة الشعبية خلقت حالة التفاف جماهيري من جميع أهالي البلدة.
ويؤكد حمايل بأن الاحتلال رغم سلمية الفعاليات إلا أنه اعتاد على القتل والتدمير فأستشهد 8 شبان فيما وصل عدد الإصابات إلى أكثر من 3500 بينما وصل في بعض الأيام 400 إصابة خلال يوم واحد، ورغم هذا الاجرام الاحتلالي إلا أن المقاومة الشعبية سحبت البساط من تحت أقدام الاحتلال وأرغمته على عدم تصعيد الجرائم بشكل أكبر.
بدوره يؤكد مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس في حديث لـ "أركان"، بأن المقاومة الشعبية في بيتا منذ سنوات تشكل نجاحا كبيرا لأنها فعلا شعبية وتشكل حالة نضالية فريدة كون أبناء البلدة مهيئين لهذا النوع منذ سنوات.
ويتابع بأن من يقوم على هذه المقاومة هم أشخاص لهم تجارب نضالية وسياسية كون البلدة يعتقل الاحتلال من أبنائها عددا كبيرا وهم محكومون أحاكما عالية، وهذه عوامل ساعدت الأهالي على الاستمرار في نهج المقاومة الشعبية منذ العام 1988 حتى اليوم.
ويضيف دغلس بأن نجاح هذا النهج في المقاومة الشعبية في بلدة "بيتا" ولأكثر من مرة يدلل على أن هذا الأسلوب هو الأنجح في الوقت الحالي سواء على الصعيد المحلي أو على صعيد القبول الدولي والالتفاف الجماهيري حولها.
ويقول دغلس :"إن هذا النوع بالتأكيد يحرج الاحتلال ويكبح جماح جرائمه بحق الفلسطينيين، كما جرى في معركة البوابات الالكترونية على أبواب الأقصى وكيف أرغم الاحتلال على إزالتها بفعل المقاومة الشعبية، وانتصار بيتا في أكثر من مرة.
ويضيف دغلس بأنه رغم أن جنود الاحتلال هم قتلة وموجودون للقتل والجرائم إلا أن المقاومة الشعبية تسحب البساط من تحت أرجلهم، عندما تكون مقاومة شعبية وسلمية حقيقية.
قرية "بيت دجن" نموذجاً آخر
من جانبه يقول رئيس لجنة التنسيق الفصائلي في محافظة نابلس نصر أبو جيش :" إن المقاومة الشعبية في محافظة نابلس وغيرها من المناطق أعطت نماذج لانتصارات مختلفة سواء بإزالة بؤر استيطانية من مناطق مثل عصيرة الشمالية ودير شرف وعصيرة القبلية وبورين، والان تتركز في بيتا وبيت دجن.
ويضيف أبو جيش في تصريح لـ "أركان"، أن من أُسس وركائز نجاح هذه النهج هو وحدة العمل الميداني على الأرض وتحت راية العلم الفلسطيني فقط، فوجود المواطنين مع القوى والفصائل والمجالس القروية يشكل نموذج نجاح إيجابي لهذا النوع.
اقرأ/ي أيضاً: الخارجية الامريكية لـ"أركان": لا بديل عن حل الدولتين
ويشير أبو جيش إلى أن ما جرى في قرية "بيت دجن" من محاصرة للبؤرة الاستيطانية ومنعها من التوسع رغم الحصول على قرار بإزالتها لم يكن ليحدث لولا وحدة لعمل الوطني ميدانيا وتوحد الجميع تحت العلم الفلسطيني فقط.
ويتابع بأن روح الوطنية والعزيمة والتعبئة الصحيحة للمواطنين والمجتمع خلقت التفافا واستمرارية لهذه المقاومة منذ أشهر.
ويؤكد أبو جيش بأن محاولة أي فصيل لاحتواء هذه المقاومة في أي مكان سيكون ذلك عامل فشل رئيسي؛ في المقابل فإن مشاركة الفصائل بشكل موحد يعطي زخما شعبياً لها بدلاً من استحواذ فصيل معين أو محاولته احتوائها لأغراض حزبية.
ويدعو أبو جيش إلى تصعيد هذه المقاومة وتفعيلها لتكون حالة شعبية عامة وشاملة في كافة المناطق وخاصة تلك المعرضة للاستيطان.
وأمام النجاحات التي تحققها المقاومة السلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يتطلب زيادة تفعيلها كونها تحقق نتائج لصالح الفلسطينيين أكثر من غيرها في الفترة الراهنة.