منذ اعتلاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كرسي الحكم، بدأت الجزائر تتحرك في كل اتجاه لإعادة بعث دورها في ليبيا كضرورة قصوى، بحيث كان أول شخصية عربية يستقبلها تبون بعد تنصيبه رئيساً للبلاد، رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ثم شارك بعدها في مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية.

وأعاد تبون بعث القضية الفلسطينية دولياً وإقليمياً بعد موجة التطبيع التي عرفتها المنطقة العربية، بحيث شدد على رفض التطبيع بكل أشكاله ويسعى لعقد قمة عربية تعيد إحياء القضية. 

كانت الجزائر واضحة فيما يخص القضية الفلسطينية، بعد موجة التطبيع العربي مع إسرائيل، بحيث انتقد تبون دول التطبيع ووصفها بالمهرولة. 

وتعرَّضت العلاقات بين الجزائر ودولة الإمارات إلى هزة بسبب هذا التصريح، لا سيما أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد كان هو عراب اتفاقيات التطبيع. 

وتصف الجزائر القضية الفلسطينية بأم القضايا، ولا يمكن تحقيق أي استقرار في المنطقة دون حلها، ويسعى تبون لإحياء اتفاق الأرض مقابل السلام الذي تقدمت به السعودية تحت مسمى المبادرة العربية في قمة بيروت العربية سنة 2002. 

واستقبل تبون مؤخراً الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تحضيراً للقمة العربية شهر مارس/آذار القادم بالجزائر، لإعادة بعث القضية من جديد عربياً ودولياً، كما أنها قدمت هبة بـ100 مليون دولار للسلطة الفلسطينية كدعم مع تأكيدها على مواصلة تسديد مخصصاتها السنوية للسلطة.

اقرأ/ي أيضاً: المغرب تطلب من إسرائيل مساعدتها لشراء F35 الأمريكية

ومن المتوقع أن تجمع الجزائر قريباً، الفصائل الفلسطينية على أرضها من أجل توحيد كلمتها وقوتها لمواجهة إسرائيل، كما أبدت الفصائل الفلسطينية موافقتها على الاجتماع في الجزائر من أجل الوحدة. 

ووفق فيصل بن أحمد، الخبير في العلاقات الدولية والمحلل السياسي فإن الجزائر لمراهنتها على القضية الفلسطينية فهي تراهن الرهان الصحيح. 

وأضاف المتحدث أن السياسة الخارجية الجزائرية قائمة على دعم الشعوب المستضعفة على تقرير مصيرها ومساعدة الفلسطينيين يصب في هذا الاتجاه. 

أعاد تبون هيكلة الدبلوماسية الجزائرية، إذ استحدث إدارات وفروعاً جديدة بوزارة الخارجية تهتم كل واحدة منها بمنطقة ذات اهتمام خاص بالجزائر. 

كما استحدث تبون 5 مبعوثين خاصين يعملون تحت سلطة وزير الخارجية، وهم مبعوث خاص بمالي وآخر بالصحراء والمغرب العربي، وآخر بالشؤون الإفريقية ومبعوث آخر لملف الأمن الدولي، كما عين مبعوثاً خاصاً بالجالية في الخارج، ومبعوثاً آخر يعنى بالدبلوماسية الاقتصادية، ومبعوثاً للدول العربية، وآخر للأمم المتحدة وقضايا الأمن والسلم. 

وأعاد تبون تفعيل المديرية العامة لليقظة الاستراتيجية والتنبؤ وتسيير الأزمات، بصفتها أداة هامة في الدبلوماسية المعاصرة. 

وتعمل هذه المديرية في سياق التحديات المختلفة والمتنوعة (كوفيد-19 والحرائق المميتة، والنزاع في الصحراء، والتوترات الإقليمية حول مالي وليبيا وغيرها) (تعمل) على استباق الأفعال العدائية والحملات الشرسة الدعائية الموجهة ضد الجزائر حسب الخارجية الجزائرية. 

وفي السياق ذاته نظَّمت الجزائر اجتماعاً غير مسبوق في تاريخها، إذ جمع تبون بجميع السفراء والقناصلة الجزائريين في العالم لإسداء أوامر وقرارات جديدة ورسم خارطة دبلوماسية عصرية، على حد تعبير رئاسة الجمهورية. 

كما أجرى تبون أكبر حركة إقالة وتعيين في تاريخ الدبلوماسية الجزائرية، حيث أبعد 70 سفيراً وقنصلاً وعيّن آخرين جلهم من الدبلوماسيين الشباب. 

لم يضيّع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الوقت كثيراً ليجعل من الجزائر فاعلاً أساسياً في الأزمة الليبية. 
وذهب تبون إلى حد التأكيد أن بلاده كانت ستتدخل لمنع سقوط طرابلس في أيدي المرتزقة، في إشارة إلى خليفة حفتر. 

ولعبت الجزائر دوراً مهماً في توقيف إطلاق النار والذهاب نحو التوافق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. 

وتشكِّل الجزائر حلقاً مع حكام مالي الجدد وروسيا لمحاصرة الدور الفرنسي الذي يعمل لصالح باريس دون النظر إلى مصالح الماليين والجزائريين ومنطقة الساحل الإفريقي ككل.