أكد تقرير "إسرائيلي" رسمي صاغه مراقب الدولة، فشل الحكومة في التحضير لخطة من شأنها التصدي لأزمة المناخ لتفادي الأضرار الكبيرة الناجمة عنها لحماية البيئة والشعب، مستعرضاً المخاطر التي قد تنجم عن عدم الجهوزية في جميع الوزارات لهذه الأزمة، والخسائر والأضرار الاقتصادية والزراعية والكهرباء، الأمر الذي يحمل تهديدات حقيقية في المستويات المنظورة والوسطى والاستراتيجية.
يقول المراقب :"إن التقرير الحالي يتميّز بأبعاد عدة؛ أولها أنّ رقابة الدولة قد ارتأت معالجة هذا الموضوع الآخذ بالتشكّل من خلال طرح رؤية مستقبلية رغبةً في وضع مستند شامل بأيدي صناّع القرار، كي يساعدهم على التهيؤ لهذه المسألة متعدّدة الأبعاد ومواجهتها.
وجزم التقرير أن أزمة المناخ تشكل تهديداً أمنياً غير متوقعاً لإسرائيل.
ويشير التقرير إلى العناصر المركزية المقلقة من ناحية أمنيّة كما تعرفها المنظومة العسكرية والأمنية، كالتالي: الخوف من النشاط في بيئة تسودها درجات حرارة عالية وظروف بيئية قاسية؛ زيادة كبيرة في المهام والأعباء لحماية الجبهة الداخلية المدنية في ظروف الظواهر الجوية الشديدة التطرّف؛ وتكييف البنية التحتية والمرافق مع الظروف المناخية المتغيرة غير المستقرة.
اقرأ/ي أيضاً: ديوان الرقابة: غزة خارج الرقابة المالية والإدارية
من جانب آخر نبّه التقرير إلى الجغرافيا الاستراتيجية وتأثيرها على استقرار المنطقة والأنظمة وتفاقم الأزمات القائمة، وفي هذا الصدد حذّر من المخاطر التي قد تأتي من جهة دول أخرى، بما في ذلك انهيار دول، وموجات ضخمة من اللاجئين، وتوترات أمنية.
ولفت التقرير إلى أنه حسب المعطيات في السياق العالمي فإنه منذ العام 1961 كان هناك انخفاض بنسبة 21% في الناتج الزراعي العالمي بسبب التغيّر المناخي، والذي لا يؤثر على المحاصيل فقط بل أيضاً على العمال.
وتبيّن أن الأضرار الاقتصادية التي لحقت بـ "إسرائيل" بسبب الكوارث الطبيعية في العقد الماضي بلغت قيمتها 3.5 مليار شيكل حتى الآن، وهو مبلغ يشمل الإصابات الجسدية وأضرار الممتلكات الخاصة والعامة وكذلك البنية التحتية.
وحذر المراقب في تقريه، من أن الآثار غير المباشرة لتغير المناخ يمكن أن تنعكس أيضاً على ازدياد متفاقم لانقطاع التيار الكهربائي خلال حلول الظواهر الجوية الشديدة.
فمن جهة ستكون هناك زيادة ملحوظة في الطلب على الكهرباء، وليس فقط في فصلي الشتاء والصيف، بل أيضاً في الفترات الانتقالية. من جهة أخرى، تشير البيانات التي تم جمعها إلى انخفاض إنتاج الكهرباء في الأيام الحارة بشكل ملحوظ.
وخلص التقرير إلى أن "النتيجة ستكون الوصول إلى ذروة في الطلب على الكهرباء، وهو الأمر الذي يشكل خطراً متزايداً لحدوث اضطرابات في إمدادات الكهرباء".
وأوصى التقرير الرقابي بفحص الصعوبات في البنية التنظيميّة والأدائية القائمة، ومن بينها تشتيت الصلاحيات بين جهات حكومية عديدة وتجزئة كل واحد من سبل معالجة أزمة المناخ؛ وفجوة هيكلية بين مسؤولية الجسم العامّ عن مجال معين وبين صلاحيّته للعمل في هذا المجال.
كما أوصى بوجوب تحديد الانشغال بأزمة المناخ كغاية جوهريّة، يقع على عاتق الحكومة بمجمل الوزارات، وأنّ الموضوع سيعالَج من خلال هيئة قومية تمكّن من الحسم على أساس التوازن بين مصالح عامّة متصادمة، ومسارات اتخاذ قرارات في ظروف عدم اليقين، والتي قد تفضي إلى إدخال تغيير جذريّ في القطاع الاقتصاديّ، وتعزيز البنية التحتيّة المعلوماتية العلمية والاقتصادية والتكنولوجية المطلوبة لهذا الأمر، والعمل على أن تقوم البنى التحتية والموارد القومية والتمويل العامّ والخاصّ بدعم انتقال دولة "إسرائيل" إلى اقتصاد يقل فيه استخدام الكربون، والدفع نحو قيام الدولة بما هو مطلوب كي تفي بتعهداتها وغاياتها في مجال تقليص انبعاث غازات الدفيئة.
وشدد التقرير في توصيته على ضرورة انتباه الحكومة في إدارة المخاطر على المستوى القومي، وضرورة رسم مسار يفضي إلى بناء اقتصاد يقلّ فيه استخدام الكربون، والنموّ الأخضر، والانتقال إلى طاقة خضراء من ناحية، والاستعداد الأمثل - من الناحية الأخرى- للمخاطر المترتّبة على التغييرات المناخية على مستوى الفرد، والموارد والطبيعة.