رغم الانتقادات التي وجهت لحركة حماس حول مساعيها الالتفافية على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفشل مشروعها في تشكيل إطار بديل لمنظمة التحرير، إلا أن الجولة الخارجية لرئيس المكتب السياسي الحالي إسماعيل هنية بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو الماضي، إلى عدة دول بدأها بالمغرب حظيت بانتقاد واسع كون المغرب تمثل رأس التطبيع مع الاحتلال الذي يرفضه الكل الفلسطيني بما فيه حماس، وتؤكد إصرار حركة حماس على تحقيق أجندة خاصة بها بعيدة كل البعد عن تحقيق الوحدة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال ومخططاته التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بهدف الحصول على شرعية.
حماس تبحث عن شرعية في غزة
عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي محمود الزق، اعتبر زيارة حماس للمغرب ليست خطأ تكتيكياً، وإنما خطيئة سياسية، في مكافأة المطبع مع الاحتلال الإسرائيلي على هذه الخطوة في لحظة توجد فيه حكومة فاشية إسرائيلية تسعى لتطبيق قرار الضم في غور الأردن وطرد الفلسطينيين من أماكن سكناهم في القدس وعدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني.
وعن علاقة جولة حماس بالحصول على شرعية، للالتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية، أكد الزق، أن جميع المحاولات السابقة التي استهدفت منظمة التحرير بتشكيل أجسام بديلة عنها، باءت بالفشل الذريع، وأشخاصها لم يذكرهم شعبنا بخير، وأًبحوا شخصيات كرتونية، مشدداً على أن كل من حاول الانشقاق والاستعانة بالإقليم لشق منظمة التحرير كان مصيره الفشل.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السابق خالد مشعل قد أعلن في العام 2009، من الدوحة، عن نيته تشكيل "مرجعية فلسطينية جديدة للداخل والخارج"، لكنه وقبل مغادرته منصبه أوضح أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح.
وأعرب الزق عن أسفه الشديد لما أقدمت عليه حركة حماس بعد العدوان الإسرائيلي في مايو الماضي، بالتراجع عن التوافق الفلسطيني في القاهرة، على خارطة طريق، تبدأ بتشكيل حكومة توافق وطني تُنهي الانقسام على أرض الواقع، ومن ثم تكلف الحكومة بالمهام المتوافق عليها وهي التحضير للانتخابات الشاملة، وإعادة إعمار قطاع غزة، والأهم توحيد مؤسسات الوطن.
وأكد أنه كان الأجدر بحركة حماس بعد ملحمة صمود الشعب الفلسطيني أمام العدوان الاسرائيلي الوحشي على القدس وغزة أن تذهب باتجاه تعزز الوحدة الميدانية التي تجسدت في الصمود أمام العدوان إلى أرض الواقع، بالاتجاه نحو انهاء الانقسام وليس التهرب من منه، واعتبار حركة حماس أن ما حدث من صمود شعبنا هو انتصار منها على طرف فلسطيني، واصفاً هذه الرؤية لدى حماس بالأمر الخطير من حيث النهج ولتفكير، وصولاً إلى الوصول لطريق مسدود معها ولا وجود لأي مساعي لإنهاء الانقسام.
وأشار الزق إلى أن حركة حماس كأن مهمتها الأساسية هو الحصول على شرعية في ظل وجود الانقسام، وهو أمر خطير جداً يأتي في إطار المخطط المرسوم ضد الشعب الفلسطيني ونقل الانقسام إلى حالة انفصال بتكريس كينونة سياسية في قطاع غزة، لإفشال فكرة الدولة الفلسطينية التي يعترف العالم بحق الشعب الفلسطيني بها وبقيامها.
النخالة مُحق في انتقاده لحماس
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن حركة حماس تبحث عن الشرعية والاستفادة من الوضع الذي نشأ بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو الماضي (معركة سيف القدس)، مستدركاً أن حماس في المعركة الأخيرة ثبتت شيئاً جديداً وهو الربط بين قطاع غزة والقدس وبقية الأراضي المحتلة.
ووافق عوكل، انتقاد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، لحركة حماس في زياراتها للمغرب رأس التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ووصفه لما حدث في العدوان الأخير بأنه إنجاز لم يرتق إلى الانتصار، في الوقت الذي تبالغ فيه حركة حماس بأنها حققت انتصاراً على دولة الاحتلال الإسرائيلي.
يذكر، أن حركة الجهاد الإسلامي هي الفصيل الثاني العسكري الذي واصل الرد على العدوان الإسرائيلي خلال 11 يوماً حتى آخر لحظة للحرب وقبل أن يدخل قرار وقف اطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال عوكل:" إن انتقاد النخالة لحركة حماس حول زيارتها للمغرب أمر صحيح، خصوصاً أن الحكومة المغربية هي حكومة الإخوان المسلمين، بالتالي كل التصريحات التي تصدر تنديد بالسياسات الاسرائيلية لا معنى لها طالما السياسية العامة للنظام المغربي تعزيز العلاقة مع "إسرائيل"، وهذا عملياً أحدث ردود فعل مهمة عند الجيران الجزائريين على الأقل.
ورأى عوكل أن جولة حماس الخارجية تأتي في إطار الالتفاف على منظمة التحرير طالماً أن الانقسام قائم، مستبعداً نجاح أي جهود من شأنها السماح بوجود كيان موازي لمنظمة التحرير، عربياً ودولياً.
الشرعية الخارجية لا دورها لها دون شرعية داخلية
من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، أن مساعي حماس والى جانبها بعض الفصائل في إيجاد بديل عن منظمة التحرير باءت بالفشل سابقاً، ولكن هذه المساعي تتجدد الآن لدى حماس، من خلال جولتها الخارجية بعد العدوان الأخير على قطاع غزة، على ضوء عاملين أساسيين وهما: العامل الأول، نتائج الحرب الرابعة "الاسرائيلية" على قطاع غزة، وظهور حماس بشكل المنتصر في هذه الحرب نتيجة لجملة من الاختلالات في هذه الحرب، وهو ما جعل حماس تشعر وكأنها في وضع أقوى ومن خلال هذا الواقع تكتسب شرعية من بعض الأنظمة العربية، خاصة أنظمة مشكوك في وقوفها لجانب القضية الفلسطينية كالمغرب وموريتانيا، وزيارة المغرب وموريتانيا تؤكد مثل هذا الأمر.
وتابع أن العامل الثاني، وهو الأهم، هو وصول حركة حماس إلى قناعة أن الانقسام تحول إلى انفصال حقيقي، والتعامل مع الانقسام على أنه كارثة طبيعية، والتسليم بهذا الأمر، ولذلك عليها أ، تخرج مرة أخرى لتحقق نفسها من خلال إيجاد شرعية خارجية.
وشدد حبيب، على أن هذا المظهر لدى حماس، هو أمر ثانوي لا معنى له، لأنه بدون أن تكون شرعية فلسطينية داخلية تتحقق من خلال المؤسسات فإن الشرعية الخارجية مهما كانت لا يمنح مثل هذه الشرعية، وبالتالى مساعي حماس لن يكتب لها النجاح على الشرعية، بقدر ما يشير إلى شكل من أشكال الحراك التي تسعى لها حماس من أجل تثبيت دورها كفاعل في الساحة الإقليمية، وهو أمر لن يمنح لحماس أيضاً باعتبار أن الفعل الأساسي في هذه الساحة هي منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية على الرغم من كل المآخذ عليهما.
ورغم أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلف خسائر بشرية ومادية كبيرة ينتظر المواطنون منذ ثلاثة أشهر على انتهاء الحرب لإعادة إعمار منازلهم دون وجود أي أفق لذلك في ظل تعنت الحكومة الإسرائيلية وإصرارها على أن ما بعد الحرب لن يكون كما قبلها، بينما تجول حركة حماس في عواصم مختلفة.