كتبت الصحفية الإسرائيلية في هآرتس العبرية عميره هيس تحت عنوان: أرفض إطلاق وصف "الإرهابيين" على من أطلقوا النار على المستوطنين.
"أنتم لا تزالون مختبئين في مكان ما، لكنكم تعرفون جيداً أنه سيتم إلقاء القبض عليكم. الجيش و"الشاباك" وأفضل تكنولوجيا التجسس والمتابعة الإسرائيلية يقومون بالبحث عنكم. عملاء نائمون ونشيطون سيطلب منهم فتح آذانهم وعيونهم. آباؤكم يسيرون بوجوه متكدرة وهم يخافون على حياتكم، ومما سيحدث بعد ذلك من اقتحامات واعتقالات ومقاسات لبيوتكم وهدمها بعد ذلك أو إغلاقها.
"في إسرائيل يسمونكم إرهابيين. أرفض تسميتكم هكذا. لأنني أعرف أن إسرائيل كدولة وكمواطنين قاموا بتخريب حياتكم وحياة عائلاتكم وأصدقائكم. أنا لست بحاجة إلى قاموس المغتصب. الاغتصاب هو أبو الإرهاب. ولكن ليكن من الواضح، لو أنني كنت أعرف، وأنتم كشفتم لي عن نواياكم لكنت حاولت منعكم من إطلاق النار على سيارة تخرج من البؤرة الاستيطانية غير القانونية التي أُقيمت على أراضي قرية برقة، التي تنغص حياة القرى في المحيط أكثر من المستوطنة التي سبقتها.
"كنتُ سأسألكم ما الذي تنوون أن تحققوه من إطلاق النار وإزهاق حياة شخص. إذا كنتم ستقولون "من أجل إخلاء المدرسة الدينية غير القانونية" كنت سأذكركم بقتل عائلة سلمون في بيتها في مستوطنة حلميش في تموز 2017. شاب عمره 19 سنة من قرية كوبر قام بطعن أب وابنته وقتلهما. في أعقاب ذلك اتسعت المستوطنة وأقامت بؤرة بالفعل على جانب الشارع، على المزيد من أراضي النبي صالح وأم صفا؛ وقام الجيش بوضع حاجز ثابت من أجل حماية المستوطنين بالطبع، وهو يمنع مرور السيارات الفلسطينية أو يزعجها، ويقطع ويزعج بالتناوب الطريق المؤدية لقرية بيتللو والعودة منها. أصحاب الأراضي لا يسمح لهم بدخول أراضيهم. بؤرة استيطانية للرعاة منفلتة ومسلحة أُقيمت في المنطقة. وبحماية الجيش ومليشيات خاصة يمنع الفلسطينيون من قرية أم صفا وقرية جيبيا وقرية كوبر من الوصول إلى أراضيهم.
تقدم مشروع الاستيطان الإسرائيلي خطوة أخرى في "تنظيف الفضاء من الفلسطينيين"، من مستوطنة تلمون التي يحيط بها الكثير من البؤر الاستيطانية، ومن الجنوب الشرقي وحتى حلميش.
أيضا العملية في عين بوبين في آب 2019 التي قتلت فيها فتاة إسرائيلية لم تمنع توسع كتلة الاستيطان هناك، ولم تمنع السيطرة العدائية على ينابيع القرى الفلسطينية.
"إذا قلتم لي ما الذي تتحدثين عنه؟ مشروع الاستيطان الإسرائيلي لا يحتاج إلى ذرائع لطردنا والسيطرة على ينابيعنا وسلب أراضينا، وأن يقيم عليها فيلات ليهود من تل أبيب وبروكلن ومارسيه وإغراقها بالحدائق الجميلة في حين أن الخزانات التي توجد على أسطح بيوتنا فارغة من المياه.
"أنتم على حق"، سأجيب. "مشروع الاستيطان وسلب أراضيكم لا يحتاجان إلى ذرائع. المستوطنات ليست الرد، سواء على إطلاق النار الفلسطينية أو على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
سرقة الأراضي وطرد الفلسطينيين هما الجوهر، والقاعدة هي نقطة الانطلاق للنظام الإسرائيلي الذي فرض عليكم. ولكن لماذا نساعده، لماذا نسرع العملية؟ خذوا مثلاً بؤرة أفيتار.
المستوطنون أرادوا إقامة مستوطنة أخرى على أراضي بيتا وقبلان. قام الجيش عدة مرات بإزالة المباني التي أقاموها حتى حدثت عملية إطلاق نار قاتلة أخرى قبل نصف سنة، استخدمها وزير الدفاع كذريعة للامتثال للوبي المستوطنين (كأنه يوجد فرق كبير بين الاثنين)، وليس لإخلاء البيوت، وقد تم إخلاء سكانها، لكن الأرض لم تتم إعادتها لبيتا.
"صحيح. ستقولون وتشرحون بأنكم لم تعودوا قادرين على تحمل الغضب المتراكم. كل الظلم الذي يمكن لدولة الاحتلال أن تفعله وكل الوقاحة لشعب السادة، تتجسد في حومش.
كنتم ستذكرونني بأن أراضي برقة تم نهبها في العام 1978 بأمر وضع اليد، ظاهريا لأغراض عسكرية. وبعد ذلك استخدامها كان لأغراض مدنية كليا: استيطان. في العام 2005 تم إخلاؤها، لكن أمر وضع اليد العسكري لم يتم إلغاؤه، وتم منع أصحاب الأرض من الوصول إلى ارضهم.
في العام 2011 أيضا قدموا التماساً للمحكمة العليا، وفي 2013 قامت الدولة بإلغاء أمر وضع اليد العسكري.
ومنذ ذلك الحين يستمر النضال القانوني والجماهيري. بسخائها تسمح الدولة المحتلة للمزارعين بفلاحة أراضيهم، لكنها لا تقوم بإزالة البؤرة الاستيطانية التي أخذت شكل مدرسة دينية.
يطالب لوبي المستوطنات بإعادة إقامة المستوطنة. بالصدفة أو بغيرها، ثمة ارتفاع كبير في عدد الهجمات العنيفة للإسرائيليين اليهود ضد الفلسطينيين، ينقل بشكل جيد الرسالة، ويخاف أصحاب الأراضي من الوصول إليها.
رجال الشرطة الفلسطينية ينقذون يهوداً ضلوا الطريق إلى رام الله، لكن من المحظور عليهم حمايتنا من اعتداءات اليهود. كم يمكن الصمت على هذا الظلم، ستقولون لي.
"أنتم على حق"، كنت سأجيب. "لكن بالتحديد في الأسابيع الأخيرة يتسرب عنف المستوطنين أكثر إلى الوعي. حتى أن وزير الأمن الداخلي أدرك أنه توجد هنا مشكلة... كنتم ستقاطعونني وتقولون: "هذا هراء. فأنت تعرفين مثلنا أن عنف المستوطنين يندمج مع أهداف دولتك. هذا كله نفاق".
"أنتم تظهرون الغضب في لحظة واحدة من إطلاق النار والانتقام"، كنت سأقول. "بعد ذلك سيقومون بالحكم عليكم بالسجن المؤبد، وسيصبح أبناء عائلتكم بائسين إلى الأبد". ستجيبون: "جميعنا بائسون أصلاً، لا نرى أي مخرج أو أي عدالة أو أي أفق".