اتهم الكاتب الإسرائيلي أودي ديكل، حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بالتخبط بين هواياتها المتعددة، بعد تهديداتها التي أطلقتها على خلفية عدم رفع الحصار بشكل كامل عن القطاع، وأن تفاهمات التهدئة تسير بوتيرة بطيئة جداً، وانتقاد متحدثيها للدور المصري، لأنها لن تحصل على مطالبها من دون الحصول على مقابل عملي يضمن وقف تعاظم كتائب القسام، وحل مسألة الأسرى لديها.
وأشار الكاتب في مقال له نشره موقع موقع "N12"، إلى أن حماس سرّبت مسودة وثيقة سياسية قدمتها إلى مصر وتلخص فيها مواقفها المتعددة. لم تتخلّ فيها عن الهدف الأسمى - "تحرير فلسطين" - بصرف النظر عن الظروف المتغيرة، بل تطمح إلى "وضع حد لحصرية حركة "فتح" في عملية صنع القرارات داخل الحركة الوطنية الفلسطينية". كما تفصل "حماس" بين مسألة الأسرى الإسرائيليين وبين أي تسوية، أو تفاهمات بشأن التهدئة الأمنية لمدى طويل، كما أنها أوضحت بصورة لا لبس فيها أنها لن تتوقف عن محاولات خطف جنود إسرائيليين من أجل تحرير أسرى فلسطينيين.
وقال الكاتب:" نهاية سلطة "حماس" في قطاع غزة لا تبدو في الأفق، ولا بدائل جيدة لها، بل لا حلول فعالة لمنع تعاظُمها، و ستواصل حماس التنقل بين هوياتها المتعددة، الدينية، والوطنية، والمدنية، والمقاومة، ولن تلتزم بالتسوية لمدى بعيد، بل ثمة أحداث متوقعة على الدوام، من شأنها "إشعال فتيل المقاومة لديها"، وهو ما يعني أن الطريق من التسوية إلى المواجهة العسكرية وإدارة الصراع قصيرة جداً.
اقرأ/ي أيضاً: عام 2021.. حصيلة كبيرة من الشهداء والجرحى
وأشار الكاتب إلى أنه كلما اقتربت حماس من التوصل إلى تسوية مع إسرائيل بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار لفترة طويلة (حتى خمسة أعوام) في مقابل ترميم قطاع غزة وتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني هناك، تشتد لديها غريزة "المقاومة"، وهو ما انعكس في تصريح رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، بأن "المقاومة هي خيار حماس الاستراتيجي".
ولفت إلى أن الحجة التي تستخدمها حماس في "تسخين" الأجواء هي "عدم الرضا العميق" عن أداء الوسطاء المصريين، وعن تراجعهم عن تعهداتهم لها. وكما يقول المتحدثون بلسانها، فإن التفاهمات تتقدم بوتيرة بطيئة جداً، ولم يتحقق فيها أي اختراق حتى الآن. إضافة إلى ما كشفه مصدر مجهول الهوية في قيادة حركة "حماس" لقناة "الجزيرة" أن الحركة تفحص إمكان التصعيد مقابل "إسرائيل"، على خلفية استمرار "الحصار" على قطاع غزة والتلكؤ في إعادة إعماره، إلى جانب "الهجمات" الإسرائيلية على المسجد الأقصى و"المسّ بالأسرى". كما اتهم المصدر نفسه مصرَ بأن أداءها يشكل تخلياً عن تعهدها إرغام "إسرائيل" على احترام التفاهمات التي تم التوصل إليها بشأن التهدئة في مقابل التزام فصائل "المقاومة" الحفاظ على الهدوء.
وعليه، حدد المتحدثون باسم "حماس" هدفاً جديداً لنهاية العام الجاري هو تطبيق التفاهمات، وربما تبدأ أعمال التصعيد خلال الأسبوع القريب.
ونوه الكاتب إلى أن تهديدات "حماس" هذه تأتي بعد أسابيع عديدة من الهدوء في قطاع غزة، وذلك على خلفية التقدم الذي أُحرِز خلال الاتصالات الجارية للتوصل إلى تسوية؛ وسياسة التسهيلات الإسرائيلية السخية في إدخال البضائع إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم؛ وزيادة عدد التجار المسموح لهم بالدخول إلى "إسرائيل"، بموافقة "حماس"، إلى عشرة آلاف؛ وتحويل الهبات المالية من قطر إلى غزة، وبصورة خاصة لتزويد محطة الطاقة بالوقود، وللعائلات الفقيرة؛ والتسوية القطرية - المصرية الخاصة بشراء الوقود ومواد البناء وتحويل الأموال اللازمة لتمويل دفع رواتب العاملين في حكومة "حماس" في قطاع غزة؛ والزيادة الكبيرة في حجم وأنواع البضائع والمواد الخام التي يتزود بها قطاع غزة من مصر.
ولفت الكاتب إلى أن حركة حماس تشجع وتبارك بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في الضفة الغربية، بينما تحرص هي على حفظ الهدوء الأمني، وتتعايش مع إقامة الحواجز الأمنية حول قطاع غزة وتستفيد من التسهيلات في الحصار، فإن التوتر الذي تعيشه يزداد حدة حيال الهدوء السائد في قطاع غزة، ولا سيما معضلة "حماس" وتخبُّطها بين هوياتها المتعددة - حركة إسلاموية، حركة وطنية فلسطينية، لاعب شبه دولتي يسيطر على قطاع غزة وحركة مقاومة.
ونوه إلى أن حماس ترى أنه في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو 2021، أصبح من حقها أن تعترف مصر وإسرائيل والمجتمع الدولي بأنها أصبحت في مكانة اللاعب الدولتي الشرعي، أو أقرب ما يمكن منها، بل أن تعترف بها بما يعادل الاعتراف بالسلطة الفلسطينية على الأقل. لكن هذا الإنجاز تبدد مع مرور الوقت.