حذر الكاتب والصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العسكرية يوسي ميلمان، من انفجار وشيك بالضفة الغربية، وذلك بسبب تزايد الانتهاكات الإسرائيلية، وارتفاع هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين.

وأضاف ميلمان بمقالة له في موقع Middle East Eye البريطاني، أنه على الرغم من قرع حكومة نفتالي بينيت طبول الحرب مع إيران، وحديثها عن خطر برنامجها النووي، إلا أن أكبر تهديد لإسرائيل في عام 2022 سيكون من الضفة الغربية وليس طهران.

"لا تهديد من الجبهة الشمالية"

يقول ميلمان، على الرغم من تغيير الحكومة قبل ستة أشهر الذي حرر الإسرائيليين من قبضة سلطة بنيامين نتنياهو الصاخبة والتحريضية، شهد عام 2021 تكرر نفس الأوضاع على جميع الجبهات. فقد واصل سلاح الجو الإسرائيلي مهاجمة مستودعات الأسلحة والأهداف الأخرى في سوريا، وليس دون أية صعوبة فحسب، بل على الأرجح بتشجيع ضمني من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من الواضح للمراقبين الإسرائيليين والسوريين والإيرانيين والغربيين أنَّ بوتين يريد أن يوقف وجود إيران على الأراضي السورية ووقف دعمها لحزب الله اللبناني.

ويمكن العثور على أدلة على ذلك في الضربات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا، التي قيل إنها استهدفت مواقع إيرانية هذا الأسبوع في مدينة اللاذقية الساحلية – مركز القوات الروسية في سوريا. والجدير بالذكر أنَّ الدفاعات الجوية السورية لم ترد، وهو ما قالت موسكو يوم الأربعاء، 29 ديسمبر/كانون الأول 2021، إنه بسبب وجود طائرة روسية في مكان قريب.

اقرأ/ي أيضاً: تل أبيب تشتري طائرات بملياري دولار

إضافة إلى ذلك، تسود حالة من الهدوء النسبي على الحدود بين إسرائيل ولبنان، وهو دليل على أنَّ الردع يعمل على الجانبين. وليس لدى حزب الله، الذي أضعفته الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان، أية نية للانجرار إلى حرب مع إسرائيل. وفي الوقت نفسه، يردع إسرائيل 140 ألف صاروخ وقذيفة لحزب الله يمكنها تضرب أية نقطة في إسرائيل تقريباً، سواء كانت أهدافاً عسكرية أم مدنية.

لكن في نهاية عام 2021، عاد قادة إسرائيل وقادة الجيش مرة أخرى، كما لو كانوا يقيمون "شعائر دينية"، إلى قرع طبول الحرب ضد إيران. ويهدفون إلى خلق انطباع بأنَّ التهديد النووي الإيراني هو الموضوع الأكثر إلحاحاً وإثارة للقلق على جدول الأعمال الإسرائيلي هذا العام المنصرم.

"التهديد من الداخل".. الضفة الغربية

لكن الحقيقة هي أنَّ إثارة الحرب الإسرائيلية ضد إيران ليست إلا خدعة لتحقيق هدفين محليين. الأول هو تحسين صورة الجيش الإسرائيلي وإثبات حيويته للمطالبة بزيادة الميزانية العسكرية. وبالفعل، على الرغم من جائحة "كوفيد -19″، التي تسببت في خفض مستويات المعيشة للعديد من الإسرائيليين، فإنَّ القطاع الوحيد الذي تمكن من الضغط على الحكومة الهشة سياسياً للحصول على زيادة الميزانية هي المؤسسة الأمنية العسكرية القوية.

وزادت ميزانيتها بمقدار 3 مليارات دولار إضافية، بينما انخفضت خدمات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والصناعة والسياحة والرياضة والثقافة.

ويتمثل الهدف الثاني من هجوم إسرائيل الخطابي على إيران في إخفاء أهم تحدٍّ يواجه الدولة اليهودية؛ وهو القضية الفلسطينية، كما يقول ميلمان.

ظاهرياً، كان عام 2021 هادئاً نسبياً أيضاً على جبهات الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد تعزز الوضع الراهن، الذي ينعكس في الاحتلال وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية والتعاون الأمني المستمر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فيما سرعت إسرائيل وتيرة تطوير العلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب.

فقد أقيمت سفارات في تل أبيب وأبوظبي والرباط والبحرين مع فتح المجالات الجوية أمام السياح، وتعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة التعاون العسكري والاستخباراتي السري.

وحتى الحرب مع غزة في مايو/أيار- التي شهدت هجمات واقتحامات إسرائيلية للمسجد الأقصى، وإطلاق حماس صواريخ لاحقاً على معظم المدن الإسرائيلية، وأعمال شغب في مدن إسرائيلية فلسطينية مختلطة في الداخل، تراجعت بعد ذلك، واستؤنف استقرار من نوع ما. لكن الأسابيع الأخيرة بالضفة يجب أن تكون بمثابة تحذير للجانب الإسرائيلي ومؤشر لما قد يكون الواقع في العام 2022، بحسب وصف ميلمان.

غليان بالضفة الغربية

يقول ميلمان: كان هناك أمل في أن تعمل الحكومة الجديدة، بقيادة نفتالي بينيت مع وجود كبير من اليمينيين المعتدلين والوسطيين والسياسيين اليساريين في حكومته، على ترويض المستوطنين الإسرائيليين القوميين المتطرفين، لكن العكس هو ما حدث.

ازدادت هجمات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة خلال الشهرين الماضيين ضد الفلسطينيين الأبرياء. فقد قطعوا أشجار الزيتون ودخل المستوطنون المسلحون إلى القرى لاستفزاز السكان الفلسطينيين والاعتداء عليهم. وفي حالات عديدة، تضررت السيارات وتعرض أشخاص للاعتداء والمنازل كذلك. وكل هذه الحوادث تحدث تحت أنوف قوات الأمن الإسرائيلية التي تغض الطرف وتسمح للجماهير المتطرفة بممارسة هجماتهم العنيفة.

بالتأكيد، يساهم هذا السلوك الإسرائيلي في ارتفاع عدد الحالات التي استخدم فيها الفلسطينيون الأسلحة النارية لمهاجمة المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي. وبغض النظر عن ذلك، يُعتقَد أنَّ حماس وراء بعض هذه الأحداث التي تعتبرها إسرائيل محاولة لإحداث شرخ بينها والسلطة الفلسطينية ووقف التعاون الأمني بين الجانبين.

وبعيداً عن الرهانات والتنبؤات، لكن سنخاطر ونسمح بحرية التقدير بأنَّ عام 2022 لن يشهد حرباً بين إيران وإسرائيل أو بين إسرائيل وحزب الله. كما لن تكون هناك حرب شاملة مع حماس، باستثناء مناوشات متفرقة. لكن المجهول الكبير هو ما سيحدث في الضفة الغربية. إذ يمكن أن يؤدي تطوران رئيسيان إلى زعزعة الوضع الراهن. ويعتمد هذا التطوران على صحتي العاهل السعودي المسنّ الملك سلمان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

إذا مات العاهل السعودي، البالغ من العمر 85 عاماً، الذي نادراً ما يُرى علناً، وحل محله ولي العهد محمد بن سلمان، فمن المتوقع أن تعلن المملكة عن علاقاتها مع إسرائيل وتشكيل علاقات دبلوماسية وتجارية رسمية، بالإضافة إلى الصفقة العسكرية والاستخبارية السرية بكامل طاقتها بالفعل. لكن في الوقت نفسه، وعلى عكس القيادة الإماراتية والبحرينية، من المتوقع أن يطلب محمد بن سلمان في شرط مسبق أن تقدم إسرائيل تنازلات وأن تحفز محادثات السلام مع السلطة الفلسطينية.