كتب الصحفي الاسرائيلي جدعون ليفي مقال في هارتس يتحدث عن شجاعة الرئيس الفلسطيني في لقاء وزير الجيش الاسرائئيلي بيني جانتس، في المقال التالي:
وصلنا للعام 2022 ولا زال هناك في اليمين الإسرائيلي مَن يعارض التحدث مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن بحجة أنه إرهابي! نحن الآن في 2022 وما زال هناك من يستخدم هذه الحجة السخيفة حقًّا، والتي على ما يبدو ليس هناك أمل في تغييرها، على أي حال كان لقاء عباس مع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس يهدف فقط إلى تحسين بقاء الاحتلال ليس أكثر، لكن من المستحيل الانتقال للحديث عن الأجندة الخاصة باللقاء في ظل الوقاحة التي لا تُصدق التي ترافق أسباب التنديد بعد كل لقاء لمسئول إسرائيلي مع عباس.
إن يدي الإسرائيلي الذي التقى أبو مازن بها دماء أكثر مما يوجد في يد الناشط المسن القادم من رام الله، اليمين يثور مخاطباً جانتس: “لا تتحدث مع الإرهابيين والقتلة؟” بينما العكس هو الصحيح، “عباس، لا تتحدث إلى جانتس”، فكل زعيم فلسطيني يلتقي مع جانتس وأمثاله في الحقيقة يجب أن يحظى باحترام أكبر بكثير من نظيره الإسرائيلي، جانتس “إرهابي” أكثر بكثير من عباس، كما أنه لا يحاول إخفاء ذلك، إنه فخور بذلك، إسحق رابين كان أيضًا “إرهابيًّا” أكثر من ياسر عرفات، كانت يديه ملطخة بالدماء منذ 1948 فصاعدًا!
اقرأ/ي أيضاً: باحث أمن قومي: أزمة السلطة المالية تهدف لإضعافها وليس انهيارها
إن هذا السياق يجبرنا على طرح أسئلة عدة، من الذي أرسل قتلة صحفي فلسطيني في 1972؟ حيث تفجير سيارة الصحفي والكاتب والمفكر الفلسطيني من مواليد عكا “غسان كنفاني”، وقُتل على إثر ذلك كنفاني وابنة أخته البالغة من العمر 17 عامًا، وكان قتله من أكثر الاغتيالات إجرامًا لدولة إسرائيل، ورغم ذلك لم يفكر أحد في العالم بفرض عقوبات على إسرائيل في أعقاب عملة الاغتيال تلك، وعلى ما يبدو أنه من المضحك طرح هذا الخيار على الإطلاق، رغم أنه قد حدث مع دول أخرى في حوادث مشابهة.
في العام الماضي فقط قتلت اسرائيل 319 فلسطينيًّا. لقد كان عامًا هادئًا إلى حدٍّ ما، دون حرب حقيقية، وكانت الهجمات قليلة نسبيًّا، ومع ذلك قُتل 319 فلسطينيًّا، جميعهم تقريبًا بلا سبب مقنع، وكانوا جميعًا تقريبًا غير مسلحين، وقليل منهم عرّض أحدًا للخطر، بعضهم من المتظاهرين والعمال، وقلة منهم فقط حاولت الخروج لارتكاب أعمال إرهابية فعلية، ومع ذلك وافق عباس على لقاء أولئك الذين أمروا بعمليات القتل هذه، وأصدروا الأمر؛ بل وأشادوا بالقتلة!
وبحسب منظمة بيتسيلم، فقد قُتل 11 إسرائيليًّا عام 2021، بنسبة 29 مرة أقل ممن قُتل من الجانب الفلسطيني، ومن المؤكد أن الأقلية من الضحايا الإسرائيليين تُرضي الكثير من الإسرائيليين، ولكن السؤال هنا: هل قتلة الـ 319 هم الأفضل حقًّا ويدافعون عن أرواحهم، بينما قتلة الـ 11 هم الإرهابيون والقتلة الذين يجب ألا يلتقوا بقادتهم؟! وفوق كل شيء، كم من الدم الفلسطيني الذي يجب إراقته حتى تجرؤ إسرائيل على الإجابة بصدق ولو لمرة واحدة في تاريخ هذا البلد، من هو الإرهابي حقًّا ومن يقاتل من أجل حقوقه؟!