رأى الكاتب المصري عبد المنعم سعيد، أن منطقة الشرق الأوسط تشير إلى اتجاه جديد في المنطقة على عدة جبهات، تمثل في مجملها هجوماً في اتجاه السلام والتعاون، بعد أكثر من عقد نزفت فيه دماء كثيرة.
واستعرض الكاتب في مقالً له نشره موقع "المصري اليوم"، العديد من التحولات بين الدول العربية، كثير منها شائك، ولا تزال فيه أشكال مختلفة من العنف، وبعضها يمر بمراحل تحوُّل مرتبكة، كما هو حادث في السودان ولبنان وتونس.
وأشار إلى العلاقات بين مصر والأردن والعراق التي تقوم على أشكال من العلاقات تسعى إلى تجاوز آثار ما حدث في المنطقة قبل عقد من الزمان أو بعد ما سُمى أحداث "الربيع العربي"، التي بعدها تفجرت المنطقة إلى حروب أهلية وإرهابية وإقليمية أيضًا.
ولفت إلى أن التغيرات الجارية في المنطقة التي كانت إلى وقت قريب قد وصلت في درجة توترها واشتعالها إلى مستويات تاريخية اعتبارا بعدد ضحاياها وما أتى منها من لاجئين ونازحين، إلى تدمير مدن ودول، فهناك ما هو أكثر، حيث تحاول فيه دول كثيرة بشكل منتظم بعضها داخل الإقليم وبعضها خارجه انتهاز ما يبدو وكأنه فرصة لعكس الاتجاه، الذى ساد على نحو عقد كامل إلى العنف، في اتجاه التهدئة والسلام، هي مسار تبحث فيه مراكز البحث والجامعات.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة بايدن، تسعى جاهدة الى تعميق وتوسيع ما توصلت اليه ادارة دونالد ترامب السابقة فيما سمي "السلام الابراهيمي" (التطبيع العربي)، والذي يقوم بهذه المهمة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، لكى يدفع العلاقات القائمة على معاهدات للسلام لكى تمضى في طرق أكثر اتساعًا في التعاون والإشهار والاعتياد على حقيقة السلام، أما التوسيع فيقوم على ضم أطراف جديدة إلى السلام مع إسرائيل.
اقرأ/ي أيضاً: حملة واسعة لاسترداد نحو 3 مليار دولار حقوق عمالنا في إسرائيل
ودلل الكاتب على توجهه، بأن إدارة بايدن من أجل تعميق وتوسيع السلام مع الدول العربية واسرائيل حاولت أن تعطى قدمًا للفلسطينيين في المستقبل من خلال استئناف العلاقات بين واشنطن ورام الله، وعودة القنصل الأمريكي إلى شرق القدس، واستئناف المساعدات لوكالة غوث اللاجئين والسلطات الفلسطينية، والتعاون مع مصر من أجل التفاوض بين الفلسطينيين وبينهم وبين إسرائيل وتعمير غزة. لافتاً على أن هذا التوجه بشكل عام كان مشجعًا للأطراف الإقليمية على القيام بإجراءات لقيام الثقة، منها أنه رغم التعقيد الشديد لمركب الحكومة الإسرائيلية التي يقودها نفتالي بنيت، فإنها سمحت لوزراء فيها باتصالات مع السلطة الوطنية الفلسطينية والاتفاق على أشكال من تحسين الأحوال الفلسطينية، بما فيها إعطاء شهادات الإقامة في القدس لآلاف المقيمين فيها، والسماح لأكثر من ألفين من الفلسطينيين في غزة بالعمل في إسرائيل، مع تسهيلات في نقل الكهرباء والصيد في البحر المتوسط. معتبراً أن لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مصر، يأتي في هذا الإطار الذي تريده أمريكا.
وتابع أن الدول الإقليمية خارج الإطار الفلسطيني والعربي والإسرائيلي مضت في خطوات أخرى لاستئناف العلاقات المقطوعة والمتوترة لسنوات من قبل، حيث جرى استئناف العلاقات بين مصر والإمارات من ناحية وقطر من ناحية أخرى؛ وكلتيهما وتركيا من ناحية ثالثة.
ورغم اختلاف استئناف العلاقات بين كل حالة وأخرى، إلا أنها كلها أدت إلى تراجع احتمالات الصراع والمواجهة كما كان ممكنًا بين القاهرة وأنقرة سواء كان ذلك خاصًا بمنطقة شرق البحر المتوسط أو فيما يتعلق بليبيا، وتحولت المسارات الدبلوماسية بين هذه الأطراف لمسارات الدفء مع بعضها البعض.
وأضاف، أن تصويت الجامعة العربية على تعليق عضوية سوريا من عقد تقريباً، تابعه إشارات الترحيب بعودة سوريا مرة أخرى إلى الجامعة، وإعلان الامارات موافقتها على تعميق التعاون الاقتصادي مع سوريا، حيث تحظى كل هذه الخطوات بكثير من الدعم الدولي.
ولفت إلى أن المبادرة الأكثر ظهورًا، والتي تستند إلى دول عربية، هي تلك التي ضمت مصر والأردن والعراق، والتي مضت بخطوات ثابتة خلال العامين الماضيين، حيث يبرز فيها أولًا تنسيق مصري أردني من أجل التعامل مع القضية الفلسطينية من ناحية، والسلام مع إسرائيل من ناحية أخرى؛ وتنسيق آخر يخص استرجاع العراق إلى الصف العربي مرة أخرى.
وأشار إلى أن هذه التطورات جميعها ليست بعيدة عن المملكة العربية السعودية التي من ناحية دعمتها كلها، ومن ناحية أخرى فإن المملكة دخلت في مفاوضات طويلة مع إيران تعددت جولاتها تضمنت بالتأكيد العلاقات الثنائية والأخرى الخاصة بالأزمة اليمنية والسلوك الإقليمي لطهران.