كشف كتاب جديد عن رسالة إنذار وجَّهتها بريطانيا إلى الولايات المتحدة خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، حذرت فيها لندن واشنطن من اتخاذ قرار "تاريخي" للرد على خطط ضم أجزاء من الضفة، وفق ما ذكرته صحيفة The Times of Israel الإسرائيلية، السبت 1 يناير/كانون الثاني 2022.

الصحيفة الإسرائيلية أوضحت أن سفيرة بريطانيا لدى الولايات المتحدة أنذرت إدارة ترامب، في يونيو/حزيران 2020، من أنه إذا مضت إسرائيل قدماً في خططها لضمِّ أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، فإن لندن ستعترف رسمياً بدولة فلسطين.

جاء هذا الكشف في الكتاب الجديد للصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، المعنون باسم "سلام ترامب" Trump's Peace، والذي زعم فيه رافيد أن رسالة الإنذار نقلتها السفيرة البريطانية كارين بيرس، في اجتماعٍ عقدته مع آفي بيركوفيتش، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، وبراين هوك، المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، في 12 يونيو/حزيران 2020.

تهديد بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين

كان جاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض آنذاك، أرسل بيركوفيتش وهوك للقاءِ السفيرة البريطانية. 

في وقت كانت فيه المكالمات تنهمر على إدارة ترامب من قادة العالم لتحذير الولايات المتحدة من مغبَّة السماح لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو، بالمضي قدماً في خططه للبدء في ضم أجزاء من الضفة، في 1 يوليو/تموز 2020. 

اقرأ/ي أيضاً: كاتب اسرائيلي: اعتداءات الاحتلال في الضفة جعلتها أخطر من إيران

يزعم الكتاب أن ردَّ المملكة المتحدة كان أشد حدةً من غيره، وهو ما أثار دهشة الأمريكيين في ذلك الوقت.

يتكهن رافيد في الكتاب بأن اعتراف المملكة المتحدة بالدولة الفلسطينية كان من المرجح أن يدفع دولاً أخرى في أوروبا، مثل فرنسا وإسبانيا، إلى فعلِ الشيء نفسه. وهي متتالية أشبه بتأثير الدومينو، تتضمن اعتراف الدول تباعاً بشرعية السلطة الفلسطينية، وهذا سيناريو لطالما تخوَّفت منه إسرائيل.

خطوة نتنياهو فاجأت ترامب وكوشنر

كان نتنياهو أعلن عن خططه ضم أجزاء من الضفة في بداية عام 2020، وبدا في الظاهر أن خططه تندرج تحت رعاية خطة ترامب للسلام، إلَّا أن رافيد يذكر أن الإدارة الأمريكية فوجئت بهذه الخطوة وعارضتها بشدة.

يشير الكتاب إلى أن كوشنر لم يكن مؤيداً لخطوة الضم، ومع ذلك فإن شعور الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت كان يذهب في اتجاه أنه لا توجد وسيلة لمنع نتنياهو من تنفيذ خطته.

كما ينقل الكتاب عن بيركوفيتش، مبعوث إدارة ترامب للشرق الأوسط، قوله إنه قبل يوم واحد من اجتماعه مع كارين بيرس، التقى مجموعة من كبار الدبلوماسيين الألمان، الذين أعربوا عن معارضتهم المطلقة لخطوة الضم، فكان رده عليهم: "اذهبوا إلى الفلسطينيين وقولوا لهم إن الضمَّ سيمضي قدماً. واسألوهم عما يريدون منا، لنحاول تحقيقه لهم نظير ما نريده".

كانت السلطة الفلسطينية أعلنت قطع علاقاتها مع واشنطن قبل سنوات، على إثر إعلان ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل.

لكن كتاب رافيد يكشف أيضاً عن مدى معارضة ترامب لخطط نتنياهو ضم أجزاء من الضفة.

انهيار خطة ضم أجزاء من الضفة

يذكر رافيد في كتابه أن ديفيد فريدمان، سفير ترامب لدى إسرائيل، حثَّ حكومة نتنياهو على ضم أجزاء من الضفة الغربية، دون إدارة للخطة من ترامب أو كوشنر، فكلاهما كان معارضاً للفكرة.

بناء على الدعم الذي أبداه فريدمان للخطة أعلن نتنياهو عن خطط الضمِّ في حفل الكشف عن خطة ترامب للسلام في البيت الأبيض، في يناير/كانون الثاني 2020.

زعم الكتاب أن ترامب وصهره كوشنر، مهندس خطة السلام بين إسرائيل ودول التطبيع العربية، فوجئوا تماماً بإعلان نتنياهو.

تضمنت خطة ترامب أن تعمد إسرائيل إلى ضمِّ جميع مستوطناتها إلى جانب غور الأردن، ضمن اتفاقية خاصة بالوضع النهائي لحدود الدولة الإسرائيلية، لكنها لم تقدم جدولاً زمنياً واضحاً، ولم تنص على أن الخطوة ستتم على الفور كما خطَّط نتنياهو.

بعد ذلك، لم يأتِ التوافق على خطة ضم أجزاء من الضفة قط، ففي الأيام والأسابيع التي تلت ذلك تقدَّمت المفاوضات الأمريكية مع الإمارات في مسارٍ أتاح لكوشنر أن يعرض على إسرائيل التطبيعَ مع الإمارات، في مقابل تعليق نتنياهو لخطط الضم، وهو العرض الذي قبِله رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق في النهاية.