ليس لدى نيتسان هوروفيتس ورفاقه مشكلة في أن يُخرجوا من المعتقد الصهيوني أماكن هي عرش ولادة الشعب اليهودي مثل الخليل، شيلو، عناتوت، أو بيت إيل.
كما أن ليس لحزب هوروفيتس مشكلة في أن يُخرجوا الصهيونية نفسها من البرنامج السياسي لحزبهم.
فقد سبق لهم أن فعلوا هذا في الماضي. أعرب هوروفيتس نفسه عن تأييد علني لقرار المحكمة الدولية في لاهاي التحقيق في "جرائم حرب" إسرائيل في قطاع غزة، وفي الضفة، وفي شرق القدس.
والآن جاء لقاؤه الهاذي مع أبو مازن. زعيم انقضى زمنه، وناكر للكارثة، ويرفع الدعاوى على جنود الجيش الإسرائيلي في لاهاي، ويدفع رواتب لـ"قتلة إرهابيين" وعائلاتهم؛ رئيس هاتف عشية اللقاء مع هوروفيتس والدي "مخربين" أُحبطا وقتلا، مؤخراً، واحدة حاولت قتل شرطي في القدس، والثاني قتل بنار الجيش الإسرائيلي في قرية برقين.
هذه المقدمة التي اختارها أبو مازن للقائه مع هوروفيتس ليست مفاجئة حقا إذا أخذنا بالحسبان تباهي وافتخار بعض رجالاته الكبار بـ"المخربين الإرهابيين" الذين فروا من سجن جلبوع، أربعة منهم محكومون بالمؤبد.
اقرأ/ي أيضاً: أمين عام المجلس الوطني لـ"أركان": حديث الرئيس عن خيار الدولة الواحدة بمثابه تحذير
ورغم ذلك، فإن اللقاء الذي بادر إليه هوروفيتس، مثل الحوار الذي يجريه وزير الدفاع غانتس مع أبو مازن، يشيران إلى أمرين: الأول – بينيت هو "يمين" افتراضي، على الورق فقط. ليس لديه قدرة حقيقية على تحقيق يمينيته حين تكون تحت تصرفه ستة مقاعد فقط، وعندما يكون هو أسيراً في حكومة يتعلق فيها بـ"ميرتس"، وحزب "الإخوان المسلمين" التابع لمنصور عباس، وبحزب العمل. كما أن التصريحات الأكثر كفاحية والأكثر صقرية لشريكته في قيادة "يمينا"، الوزيرة آييلت شكيد، لن تنجح في طمس هذه الحقيقة السياسية.
والثاني – للقاءات غانتس وهوروفيتس مع أبو مازن يمكن أن يكون أثر غير إيجابي حتى من زاوية نظر بينيت.
فهي تؤشر للولايات المتحدة، التي تحاول دفع بينيت لمسيرة سياسية مع الفلسطينيين والسلطة، على أنه يمكن العمل من خلف ظهر بينيت. وهي تفيد الولايات المتحدة بأنه إذا كان بينيت يسمح لشركائه فهو لا يستطيع حقا الاعتراض على خطوات مشابهة بل بعيدة الأثر أكثر بأضعاف تسعى الولايات المتحدة بأن تبادر إليها في الساحة الفلسطينية.
الفلسطينيون هم أيضا يشعرون بضعف بينيت على هذه الخلفية سمح رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد إشتيه، لنفسه بأن يحذر إسرائيل من أنه "إذا تفكك حل الدولتين، سنعود إلى نقطة الانطلاق للعام 1948"، و"ستكون قيادة واحدة للشعب الفلسطيني من النهر إلى البحر" وإن "إسرائيل ستموت من الناحية الديمغرافية".
بعد اللقاء مع أبو مازن أشار وزير الصحة نيتسان هوروفيتس إلى أن لـ "ميرتس" مهمة داخل الحكومة: "أن يبقي حل الدولتين على قيد الحياة وألا يسمح له بأن يختفي".
بينيت ذات مرة كان سيصف بالضبط هدفه بشكل معاكس: "أن يحرص على أن يموت حل الدولتين وألا يبقى على قيد الحياة"، غير أن الواقع السياسي، الذي علق بينيت نفسه فيه، لا يسمح له بأن يحرص على ذلك حقاً.