جاء لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء (28 ديسمبر)، مع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس في منزل الأخير في مدينة "روش هعين"، ليثير عاصفة من الغضب الفلسطيني – الإسرائيلي على السواء (باستثناء اليسار الإسرائيلي)، فاللقاء لم يكن متوقعا من الجانبين.
التقى عباس وغانتس وناقشا بحسب "حكومة الاحتلال" "قضايا أمنية ومدنية على المحك"، والجدير بالذكر أن اللقاء الأخير بينهما كان قبل نحو أربعة أشهر على اجتماع الرجلين في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة.
وهو الاجتماع الذي فشل فشلا ذريعا ولم يحقق أي نجاح، ولم يختلف الأمر بعدما تولى اليميني نفتالي بينيت حكومة تضم أحزابا متباينة نجحت في حزيران/يونيو بالاطاحة برئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو زعيم حزب الليكود.
وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، اعتبر أن اللقاء "هو تحد كبير والفرصة الأخيرة قبل الانفجار والدخول في طريق مسدود"، وأكد أن الاجتماع يمثّل "محاولة جدية جريئة لفتح مسار سياسي يرتكز على الشرعية الدولية ويضع حداً للممارسات التصعيدية ضد الشعب الفلسطيني".
اقرأ/ي أيضاً: المونيتور: تعرف على صفعة أمريكية لـ "بينيت"
وكانت العلاقات قد تدهورت بين السلطنة الفلسطينية والاحتلال إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، ولم يبذل رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو الذي حكم من 2009 إلى 2021، أي جهد لاحلال السلام، فبقيت المفاوضات معلقة منذ 2014 فيما توسّعت في عهده المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
محاور اللقاء
الاجتماع ناقش بحسب حكومة الاحتلال، "الاهتمام المشترك في تعزيز التنسيق الأمني والحفاظ على الاستقرار الأمني ومنع العنف"، مع العلم أن الاستيطان مستمر بشكل خطير وجرائم حرب الاحتلال لا تتوقف، واستهداف القدس والتهويد مستمر، وجرائم المستوطنين برعاية جيش الاحتلال مستمرة ولا تتوقف، وما أحداث برقة الأخيرة (شمال نابلس) عنا ببعيد.
غانتس أبلغ عباس "أنه يعتزم مواصلة الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الثقة في المجالين الاقتصادي والمدني"، كما ناقشا القضايا الأمنية "الروتينية" والاقتصاد.
و خلال الاجتماع، قال عباس لغانتس إنه طالما كان هو، عباس، في السلطة، فإنه لن يسمح بالعنف واستخدام الذخيرة الحية ضد القوات الإسرائيلية، بغض النظر عن وضع العلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية، حسبما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية "كان".
من جانبه، قال وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ إن الاجتماع "تناول العديد من القضايا الأمنية والاقتصادية والإنسانية، والأوضاع الميدانية المتوترة بسبب ممارسات المستوطنين"، وبحسب الشيخ "تناول الاجتماع أهمية خلق أفق سياسي يؤدي إلى حل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية"، أما وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد، فرأى أنه "مهم لأمن إسرائيل ومكانتها الدولية".
إجراءات لتعزيز الثقة
فيما قالت وزارة الحرب الإسرائيلية، إنها وافقت على جملة من الإجراءات "لتعزيز الثقة"، وتتمثل تلك الإجراءات بدفعة مالية للسلطة الفلسطينية بقيمة 100 مليون شيكل (32,1 مليون دولار)، من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح الفلسطينيين. وتشمل الإجراءات، بحسب بيان الوزارة، منح تجار فلسطينيين كبار 600 تصريح إضافي للعمل داخل الخط الأخضر، بالإضافة إلى تسوية أوضاع 6 آلاف فلسطيني يعيشون في مناطق في الضفة الغربية مصنفة (ج).
وأعلنت إسرائيل في أكتوبر، لأول مرة منذ العام 2009، تسوية أوضاع 4 آلاف فلسطيني يعيشون في تلك الأراضي الواسعة التي تخضع لإدارة الاحتلال عسكرياً ومدنياً وتتركز فيها المستوطنات. وتعتبر إسرائيل هذا الإجراء "إنسانياً"، فيما تنتقده جهات فلسطينية تقول إن المناطق (ج) حق للفلسطينيين، وهي أراضٍ احتلتها الدولة العبرية في العام 1967.
غضب في تل أبيب
فيما ندد حزب الليكود اليميني باللقاء، وقال إن "التنازلات الخطيرة لأمن إسرائيل ليست سوى مسألة وقت"، واعتبر أن "حكومة بينيت الإسرائيلية الفلسطينية تعيد أبو مازن والفلسطينيين إلى جدول الأعمال"، وأنها "حكومة بينيت ساعر لابيد تشكل خطرا على إسرائيل".
حتى شركاء غانتس هاجموه بسبب اللقاء، حيث اعترض رئيس الوزراء نفتالي بينيت نفسه على هذه الخطوة، وأشار بعض الوزراء إلى أن عباس يقود شخصيًا حملة لمحاكمة غانتس في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وقال وزير الإسكان زئيف إلكين من حزب "الأمل الجديد" اليميني الشريك في الائتلاف: "ما كنت سأدعو إلى منزلي شخصا يدفع رواتب لقتلة الإسرائيليين ويريد أيضًا أن يضع ضباطا كبارا في الجيش الإسرائيلي في السجن في لاهاي، بما في ذلك المضيف نفسه".
كما حذر حزب "الصهيونية المتدينة" اليميني المتطرف من تكرار اتفاقية أوسلو الذي تم التوصل إليه في تسعينات القرن الماضي مع السلطة الفلسطينية، والذي يعزو اليمين الإسرائيلي منذ سنوات إليه الهجمات الفلسطينية التي تبعته.
تعقيب حماس
حركة "حماس"، من جانبها استنكرت اللقاء وأفاد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، في بيان، أن اللقاء "مستنكر ومرفوض من الكل الوطني (أي كل الفصائل).