يواجه الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ضغطاً جديدة من قبل الحزب الجمهوري، بعد أن تقدم السيناتور تيد كروز عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، والنائب الجمهوري ماريو دياز بالارات، بمشروع قانون لتصنيف تنظيم جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، حيث يؤكد خبراء أمريكيين أن القانون سيتم التوصل إليه مستقبلاً نظراً لأن الظروف الحالية غير مواتية، وسيكون له انعكاسات سلبية على الجماعة التي تبحث لها عن موطئ قدم في الولايات المتحدة الأمريكية.

يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم التقدم بها بمشروع من هذا القبيل، حيث قدم السيناتور الأمريكي تيد كروز مشروعا مماثلا عام ٢٠١٥، وأعاد تقديمه في عام 2017، ثم قبل نهاية عام 2020، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل.

ويرى خبراء أمريكيين أنه السيناتور كروز لم ييأس من عدم تمرير القانون في المرات السابقة ليعيد تقديمه مرة أخرى، وفي حال فشل هذه المرة فمن المتوقع أن يتقدم به مرة خامسة.

ووفق الخبراء الأمريكيين فإن نجاح هذا المشروع بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي من شأنه إحداث تأثيرات كبيرة تجتث الجماعة الإرهابية نهائيا وتقطع جذورها وقنوات تمويلها.

من جانبه، يرى المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية ماك شرقاوي، أن تأثيرات طرح المشروع تتجاوز مربع تمرير القانون من عدمه، إذ أن "إعادة تقديم القانون مرة أخرى لمجلس الشيوخ الأمريكي بالتأكيد سيسلط الضوء على أهمية النظر في مدى مواءمة الإخوان للشروط اللازمة لاعتبارها جماعة إرهابية". كما أن إعادة طرح المشروع يشكل أداة ضغط جديدة تفرض على إدارة الرئيس بايدن، عدم التعاون مع الإخوان، كما حدث مع الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي تورط بدعم الإخوان في مصر.

يشار إلى أن كروز أعلن الخميس الماضي، أن إدارة الرئيس بايدن تحتجز 130 مليون دولار مخصصة لمحاربة الإرهاب في مصر بشرط أن تفرج القاهرة عن قيادات إخوانية يبلغ عددها 16 شخصا.
 

ويقول المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية :"إن مشروع قانون حظر الإخوان سيجهض مساعي إدارة بايدن في إخلاء سبيل هؤلاء الأعضاء، وأعتقد سيكون هناك مقاومة من قبل الديمقراطيين لإجهاض المشروع نفسه".

ويرى الخبير السياسي الأمريكي أن الأجواء أصبحت مهيأة لتقبل المشروع في أروقة الكونجرس الأمريكي، لكنه استبعد تمريره في ظل سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأمريكي.

ويفسر "شرقاوي" تأخير تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية بشقيها السياسي والعسكري إلى سببين رئيسين، بخلاف سيطرة الديمقراطيين، هما: "وجود أنظمة تدعم الإخوان مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

مضيفا أن الحظر أيضا "سيلزم الإدارة الأمريكية بتوقيع عقوبات على جميع أفراد هذه الجماعة، وهم ليسوا بعدد قليل، بل هناك جماعات ضغط (لوبيات) أمريكية تدعم الجماعة".

وربط بين إمكانية تمرير القانون مستقبلا، وانتخابات الكونجرس النصفية في نوفمبر/تشرين ثاني 2022، حيث يمكن أن يعود الجمهوريون للسيطرة على مجلس النواب والشيوخ مجددا، وحينها قد تتضافر الجهود للوصول بالقانون للنور. بحسب موقع العين الاخبارية.

في ذات السياق، قال المحلل السياسي مايكل مورجان، القريب من دوائر صنع القرار الأمريكي، :"إن هناك تأثيرات محتملة في حال تمرير القانون، وإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، ما سيكون له تبعات.

وأضاف، أن أول تلك التأثيرات "تعقب حسابات وأنشطة الجماعة داخل الولايات المتحدة ومتابعة التحويلات المالية منها وخارجها، وثانيا توقيع عقوبات اقتصادية على الشركات والكيانات والأشخاص الممثلين للجماعة، إضافة إلى تعليق أي مساعدات فيدرالية لأي منظمة غير قابلة للربح أو شركات تتبع الجماعة بشكل مباشر وغير مباشر".

ويذكر مورجان، تأثيرا رابعا، يتعلق بمنع صدور تأشيرات لدخول الولايات المتحدة لأي عضو يتبع تلك الجماعة، وأخيرا توقيع عقوبات اقتصادية على أي دولة متورطة في دعم هذه الجماعة.

واستبعد مورجان تمرير مشروع القانون في الوقت الراهن، لأسباب عدة وهي غياب الإرادة السياسية لدى الإدارة الأمريكية الحالية، التي لا تعتقد أن الإخوان جماعة إرهابية، وأن المشروع مقدم من أعضاء الحزب الجمهوري (أقلية في الكونجرس ومجلس الشيوخ) وبالتالي لن يستطيعوا تمريره من خلال الديمقراطيين.

ويرى الخبير الأمريكي أن الحظر لا يحتاج لقانون لأن الرئيس الأمريكي يمتلك القدرة لوضع الإخوان على قوائم الإرهاب دون انتظار موافقة الكونجرس؛ حيث تم تعديل القانون في عهد الإدارة السابقة.

وينقل مورجان عن دبلوماسيين أمريكيين تحدث إليهم "صعوبة التصنيف في الوقت الحالي بأنه لا يصب في مصلحه الولايات المتحدة الأمريكية لأن الجماعة متواجدة في عديد من الأنظمة العالمية مما سيمثل عبئا علي السياسة الخارجية الأمريكية في قطع علاقاتها مع الدول التي تتخللها الجماعة في الأنظمة الحاكمة".

من جانبه، رأى عضو الحزب الديمقراطي نعمان أبو عيسى أن هذا المشروع قابل للتمرير مستقبلا، لاسيما أن المناخ العام في الولايات المتحدة ضد جماعات الإسلام السياسي.

ويقول عيسى: القانون الحالي في مجلس الشيوخ لن يلاقي الدعم الكافي وهو رسالة واضحة حول تعديل مواقف الإخوان قبل الوصول إلى صدام مباشر مستقبلا.

ويتابع: "أمريكا لا ترضى عن الإسلام السياسي والحملة ضد الإخوان في بداياتها، خاصة أن الولايات المتحدة تفضل فصل الدين عن الدولة، وإذا كان هذا الحكم مهدد من الإخوان فإن واشنطن ستقف ضد هذه الجماعة على المدى المتوسط والبعيد".

ولا تزال جماعة الإخوان تبحث عن موطئ قدم تشرعن به وجودها داخل المجتمع الأمريكي، لاستثماره كسند تنقض به على أي ظرف سياسي يُمكن فروعها من العودة للمشهد السياسي بالشرق الأوسط.