تطرح هذه المعركة الذي خاضها الأسير هشام ابو هواش معتمدا على ارادته الصلبة ودمه ولحمه وعظامه الهشة، تثير هذه الواقعة التي استمرت 141 يوما، بعيدا عن الاعتزاز والفخر بها، كثيرا من الأسئلة لا نملك ولا يملك الكثيرون الإجابة عليها، الإجابة عليها تحتاج إلى عقل هادئ ومصداقية عالية وفهم أولوية مصلحة الشعب والقضية في مواجهة اي أولويات أو ادعاءات اخرى.
هل نجاح تجربة ابو هواش تشير إلى إمكانية وحتمية نجاح اي محاولة أخرى لاسير أو مجموعة أو حتى جميع الأسرى لو قرروا خوض مثل هذه التجربة معتمدين على الدروس التي ارساها ابو هواش ومن سبقه من رفاق السجن الذين خاضوا، من قبل، مثل هذه التجربة؟!
هذا السؤال يجب أن يكون برسم الحركة الأسير وقيادتها، هي فقط من تستطيع أن تجيب عليه، بعيدا عن المبالغات والمزوادات واجندات البعض البعيدة عن مصلحة الحركة الأسيرة.
في هذا السياق لابد من التذكير بالمعركة التي خاضها عشرة من أبطال الجيش الايرلندي في 1981 والذين استشهدوا جميعا ولم يستطيع صمودهم وتضحيتهم الاسطورية تغيير مواقف حكومة تاتشر البريطانية. وأعتقد أن التاريخ قد سجل خسارة الحركة الأسيرة الفلسطينية لعدد من نضالات الإضراب المفتوح عن الطعام ودفعها الى التراجع عن اضرابها قبل أن تحقق أهدافها.
لماذا انتصر ابو هواش، انتصر بارادته الصلبة وتصميمه على النصر، لا جدال ولا نقاش في ذلك. لكن هذه الإجابة المبتسرة على هذا السؤال الهام لا تكفي؟!
انتصر ابو هواش بشعبه، شعبه لم يتركه، الفصائل لم تتركه، السلطة لم تتركه، شهدت فترة اضراب ابو هواش حراك شعبي واسع بين الفلسطينيين أينما تواجدوا، في الداخل والخارج، على أبواب المستشفى وفي داخل المستشفى، في القدس والضفة وغزة، بين أبناء شعبنا في ال 48 وأبناء شعبنا في الخارج، الجميع شارك في هذا النضال، وفي هذا الإطار هناك العديد من الملاحظات:
البعض استخدم هذا النضال ليبكت الشعب الفلسطيني ومكوناته السياسية وليثبت أن الجميع فاشل، لم يكن يهتم هؤلاء بانتصار ابو هواش بقدر رغبتهم باثبات هزيمة الكل الفلسطيني؟!
واخرين كانوا يرون في هذه المعركة انها معركتهم ضد السلطة التي تتهم دوما بالخذلان والتنسيق الأمني؟!
وآخرين كانوا يرون في هذه المعركة فرصة لهدم المعبد على من فيه، المهم إنهاء حالة الاستقرار التي تعيشها السلطة لعلهم من خلال ذلك ينجحون في هزيمتها.
الغريب حتى بعد إنتصار ابو هواش لم يعترف هؤلاء بأسباب إنتصار ابو هواش وعزوا ذلك فقط لصموده وارادته، طبعا ليس حبا في ابو هواش بل كراهية في كل شيء حتى في أنفسهم.
والاغرب من ذلك كله ان بعض هؤلاء الذين كانوا ينتظرون موت ابو هواش ليخوضوا معركتهم بدماء غيرهم وفقا لاجنداتهم، ماذا كان سيستفيد ابو هواش من معارككم بعد موته، هل يقبل ابو هواش أن يكون ثمن موته أو حتى إنتصاره موت أبناء شعبه ودمار بيوتهم في معركة ليس بمعركتهم؟! اسألوا ابو هواش ولا تصدقوا ذلك الذي يزعبر من بعيد!!!.
معركة الأسرى مكون رئيسي من النضال السلمي الفلسطيني الذي يثبت كل يوم فاعليته ويؤكد على أهمية تكامل جميع حلقات هذا النضال بدءا من توفر الارادة وقرار الصمود وطول النفس مرورا بالالتفاف الشعبي والمؤسساتي حول هذا النضال وأهمية استخدام كل الطرق والوسائل السياسية التي تضغط على الاحتلال واستخدام ادعاءاته الاخلاقية وما تبقى منها لمصلحة نضالنا وقضيتنا.
هذا الاحتلال الذي يقصف البيوت والأبراج فوق ساكنيها قد يجد المبرر السياسي للدفاع عن هذه الهمجية وقد يصدق العالم بعض ادعاءاته، لكن هذا الاحتلال سيكون عاريا أمام العالم ولن يستطيع أن يبرر موت أسير فوق فراش المرض أو همجية المستوطنين في الاعتداء على البشر والشجر. هذا الفرق من المهم ان نفهمه ونستخدمه لمصلحة نضالنا وشعبنا.
يجب ان نواصل معركتنا السياسية بمختلف مكوناتها، ضد الاستيطان ومن اجل القدس والاسرى، علينا أن نثق بانفسنا وبامكانياتنا رغم ضعفها...
علينا أن نثق بسلطتنا الوطنية التي تؤكد الايام والأحداث صحة نهجها ومقدرتها على مراكمة الانجازات الصغيرة قدما والى الامام في الطريق نحو إزالة الاحتلال، معركتنا الرئيسية
ان إنتصار السلطة في تحقيق امل العودة لالاف من أبناء شعبنا ومساهمتها الفاعلة في إنتصار ابو هواش في معركته يؤكد دقة وصحة هذا الاستنتاج.