قال الكاتب الإسرائيلي رون كحليلي، إن الطابع الغالب على الأحزاب الإسرائيلية ميلها إلى الصهيونية رغم اختلافاتها، الأمر الذي أضحى أن إسرائيل تقسم الآن إلى صهاينة وغير صهاينة، بعد أن كان تقسيمها الى شرقيين واشكناز، مركز ومحيط، علمانيين ومتدينين، يسار ويمين. 

وأضاف، الكاتب في مقال له نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أن المقصود بغير الصهاينة هم معظم الفلسطينيين (عرب 48)، والدوائر الأصولية المتطرفة التي ما زالت في المنفى وبقايا اليسار الراديكالي، ما بعد الصهيوني والمناهض للصهيونية، الذي يحتضر منذ سنوات.

وأكد أن إسرائيل في آخر 2021، ورغم حكومة التغيير وربما بسببها، هي يمينية أكثر ودينية أكثر ورأسمالية أكثر وتكره العرب، والأهم من كل ذلك هو أنها صهيونية أكثر.

ولفت إلى أن زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو وجوقته يمكنهم تصنيف نفتالي بينيت وجدعون ساعر وبني غانتس ويائير لابيد وافيغدور ليبرمان كيسار متطرف، يبيع الدولة مقابل السلطة، مستدركاً أن هذا التقسيم من قبل نتنياهو وجوقته مضحكاً أكثر ولا علاقة له بالواقع كما هو الآن، لأن الجميع صهاينة، وهذا هو الجوهر والقاسم المشترك الحقيقي.

اقرأ/ي أيضاً: هآرتس: الفلسطينيون يعيشون تحت ظروف قاسية من تنصت الشاباك الاسرائيلي

وأشار كحيلي إلى أن البروفيسور سامي سموحة، الباحث في العلاقات بين اليهود والفلسطينيين منذ السبعينيات، أصدر بيانا مفاجئا في العام 2018. يؤكد فيه أنه يوجد إسرائيليون يعتبرون أنفسهم صهاينة أكثر،  مقابل ما كان أثناء الحروب وفي فترات السلام وفي اللجان الدولية. ما يؤكد أن الصهيونية آخذة في الازدهار.

وقال:" فجأة، الجميع يعتبرون أنفسهم صهاينة. أعضاء "الليكود" صهاينة، واليمين على أنواعه صهيوني، وحتى الأحزاب الدينية التي تفاخرت ذات يوم بمعارضة الصهيونية، لم تعد تضرب الأرض بأرجلها عندما يعتبرونها صهيونية. بحيث لا توجد حاجة إلى قول أحزاب الوسط، بدءاً بـ "يوجد مستقبل" وانتهاء بـ "أزرق ـــ ابيض"، التي تعتبر صهيونية اسحق رابين هي الصفة التي تميزها.

وتساءل الكاتب كحليلي عن اليسار الإسرائيلي، أين هم الأصوليون المناهضون للصهيونية الذين كانوا في حينه؟ أين هم أعضاء الكنيست العرب مثل محمد بركة وحتى حنين الزعبي؟؛ وأين ماتي بيلد وأوري افنيري، الذي رقص التانغو مع الصهيونية؛ خطوة واحدة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف؟ أين موشيه سنيه من أيامنا، الذي يهز ويفكر ومستعد للسير ضد التيار ويغازل ما بعد الصهاينة (في آخر ايامه عاد سنيه إلى حضن الصهيونية الدافئ).

أين هم "المؤرخون الجدد" الذين في كل يوم اثنين وخميس كانوا يذبحون بقرة مقدسة ويوجدون حوارا صحيا حول الصهيونية وأهميتها والأثمان التي تجبيها منا يوما تلو آخر منذ مئة سنة؟

ولفت إلى أن أفنيري، كان صهيونياً، عرض تشبيها جميلا. الصهيونية، قال أفنيري، هي مثل السقالة لبناء البلاد. في اللحظة التي أُقيمت فيها دولة إسرائيل، في العالم 1948، لم تعد هناك أي حاجة إلى هذه السقالات التي يجب إزالتها ووضع دستور.

وأعرب الكاتب الإسرائيلي عن قناعته أن افنيري، الذي توفي في 2018، وحتى البروفيسور سموحة، تحدثا عن الصهيونية التي نراها، الآن، في الشارع وفي الشبكة وفي المدارس وفي القواعد العسكرية وفي السوبرماركت.

ولفت إلى أن الصهيونية هي فكرة سائلة، أي أن لكل واحد تفسيره الخاص لها، فالبعض على قناعة بأن الصهيونية تعني استيطان كل "ارض إسرائيل" المتخيلة حتى النفس الأخير؛ وآخرون على قناعة بأن الصهيونية تعني اجتثاثا منهجيا ووحشيا للفلسطينيين؛ وآخرون يعتقدون، وبحق، بأنه دون الفكرة الصهيونية لا يوجد ما يربط أسباط إسرائيل ببعضها.

ولكن يبدو أن الجميع، من بينيت وحتى ابتسام مراعنة، ومن نتنياهو وحتى ايتمار بن غبير، يتفقون على أن الصهيونية هي "دولة يهودية وديمقراطية" أولاً وقبل كل شيء.