اليوم العالمي للقضاء على الفقر، الذي يصادف السابع عشر من تشرين الأول، يأتي في الوقت الذي تتعاظم فيه معدلات الفقر والبطالة في فلسطين، خصوصاً في قطاع غزة الذي تتجاوز فيه نسب الفقر والبطالة معدلات فلكية، وتزداد حدتها مع استمرار تأخر صرف المساعدات النقدية للأسر الفقيرة والمحتاجة، وتأثيرات جائحة "كورونا" التي ما زالت آثارها ماثلة حتى اليوم، وبعد حرب إسرائيلية ضروس على القطاع استمرت أحد عشر يوماً، و15 سنة عجافاً من الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي ضاعفت من عدد العائلات المصنفة تحت خط الفقر وزيادة عدد العاطلين عن العمل، وتراجع مستوى الأمن الغذائي.

حيث تسجل البطالة في صفوف القوى العاملة ما نسبته (45%)، والفقر (64%)، وانعدام الأمن الغذائي يصل إلى (62.2%)، فيما يعتمد ما نسبته (80%) من سكان قطاع غزة على المساعدات الإنسانية الدولية.

أمام هذه الإحصائيات والأرقام الكبيرة التي ذكرنا جزءاً من مسبباتها، والتي تكشف حالة العوز والفقر في قطاع غزة، إلا أن غزة تشهد غلاءً في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية جراء سياسة الحصار واستمرار الضرائب والرسوم المزدوجة والمتصاعدة حتى على السلع الأساسية، ما أدى لتدهور مريع في الأوضاع المعيشية والحياتية والتي وصلت إلى مستويات عالية.

وهذه الأرقام والإحصائيات العالية لم تشفع لمستفيدي الشؤون الاجتماعية من الحصول على مساعداتهم أو تُعجل صرف مخصصاتهم، ولم تدفع الحكومة الفلسطينية للتعجيل بصرف مخصصات الأسر الفقيرة والمحتاجة، ولم تعد تسمع منها سوى تصريحات ووعود لا تسمن ولا تغني من جوع الفقراء واتهامات بالتقصير للاتحاد الأوروبي، فيما تواصل سلطة الأمر الواقع حالة من التطنيش والتهميش وكيل الاتهامات للحكومة  وكأن أمر فقراء غزة شأن لا يعنيها ومسؤوليتهم تتحملها السلطة لوحدها.

إن صرف المساعدات الإنسانية والنقدية لفقراء غزة ومحتاجيها، حق وواجب وطني وأخلاقي وليس منّة من أحد، وإن تأخير دورية صرفها وعدم انتظامها استمرار لسياسة الإفقار والتجويع والمعاناة، وهي جريمة يتحملها الجميع من مؤسسات رسمية ومجتمع مدني دون استثناء.

ومن الجدير ذكره، أن عدد المستفيدين من مخصصات الشؤون الاجتماعية في فلسطين يبلغ (115) ألف أسرة فقيرة بواقع (82) ألفاً في قطاع غزة و(33) ألفاً في الضفة الفلسطينية ما بين (750-1800) شيكل أي ما يعادل (230-560) دولاراً حسب عدد أفراد الأسرة الفقيرة، بواقع دفعة نقدية كل 3 أشهر، والتي يساهم الاتحاد الأوروبي بثلث المساعدات الفقيرة والبالغة نحو (60 مليون) يورو والباقي تدفعه السلطة الفلسطينية فيما يموّل البنك الدولي ما نسبته (3%).

أمام تلك المعطيات تقع المسؤولية على صانعي القرار وواضعي السياسات بوضع البرامج والموازنات؛ لتوفير مقومات الصمود والحماية الاجتماعية للحد من الفقر والجوع في فلسطين، لا سيما في قطاع غزة الذي يواجه واقعاً مأساوياً، ما يتطلب جهداً أكبر من حكومة السلطة الفلسطينية وسلطة الأمر الواقع؛ لوقف التدهور المريع في كافة مناحي الحياة، لذا لا بد من الاستجابة الفعالة والسريعة لدعم الأسر الفقيرة ومدقعة الفقر ومساندتها لفترات أطول، من خلال مضاعفة الدفعات النقدية العاجلة، والحصول على البيانات الآنية وذات الأهمية للسياسات وفعالية الاستجابة لها، ومن الممكن استخدام البيانات المعلنة لمتابعة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المسببة للأزمة.