عاد رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو إلى الأجندة الإسرائيلية ولكن هذه المرة بصفة المتهم، الذي يبذل كل مساعيه لعدم دخول السجن وإضافته إلى قائمة رؤساء الحكومات الإسرائيلية والوزراء والقياديين الذين أنهوا حياتهم السياسية خلف القضبان.
ومع جلسة المشاورات التي عقدها نتنياهو وزوجته سارة وابنهما يائير مع محاميه، للبحث في بنود صفقة الادعاء التي تتبلور مع النيابة العامة، انتقل النقاش حول الصفقة إلى الجمهور الإسرائيلي ليُظهر انقساماً بين مؤيدي عقد الصفقة ورافضيها ويكشف عن تراجع شعبية ودعم نتنياهو.
أشارت ثلاثة استطلاعات رأي إلى أن غالبية الإسرائيليين (51 في المئة) ترفض التوصل إلى صفقة ادعاء، وتدعو إلى إخضاع نتنياهو إلى المحاكمة وإصدار حكم بحقه بما يتناسب والاتهامات ضده. ونظم ناشطون من حركة "الاحتجاج ضد نتنياهو"، الذين سبق وتظاهروا أسبوعياً أمام منزله، مظاهرة احتجاج اعتبروا فيها "أن الصفقة التي تتم بلورتها تستهدف مبدأ المساواة أمام القانون". وقال أحد أعضاء هذه الحركة، "لا يعقل أن الشخص الذي عمل لسنوات اليد اليمنى للمتهم نتنياهو كسكرتير للحكومة، وكمستشار قضائي وقرر ألا يحقق ضد نتنياهو في قضية الغواصات، سيوقع على صفقة ادعاء مع متهم في ثلاث لوائح اتهام".
لم يقل نتنياهو كلمته حيال التفاعلات في إسرائيل إزاء صفقة الادعاء، ولم يخرج بأي تصريحات إعلامية لكن مساعيه من أجل التوصل إلى الصفقة ومصادقة المحكمة عليها، قبل انتهاء الفترة الحالية للمستشار القضائي للحكومة، أفيخاي مندلبليت، الشخصية الداعمة والمناصرة لرئيس الوزراء السابق، وبل المبادِرة لهذه الصفقة، قد تبوء بالفشل.
على الرغم من أن ما تم تسريبه من بنود صفقة الادعاء يمنع السجن الفعلي لنتنياهو، فإنها تضعه في قائمة المتهمين الجنائيين. فالصفقة تشمل اعترافه بالتهم التي وجهت ضده بكل ما يتعلق بالاحتيال وخيانة الأمانة.
اقرأ/ي أيضاً: 3 دبلوماسيين إيرانيين في السعودية
كما تشمل موافقته على ابتعاده عن الحياة السياسية لمدة سبع سنوات، ما سيؤدي إلى تغييرات داخل حزبه الليكود.
لكن الأهم في تداعيات إبعاده عن الحياة السياسية انعكاس ذلك على حكومة بينيت – لبيد، إذ تتعالى الأصوات الداعية إلى تفكيك الحكومة وتشكيل حكومة من جديد تضم الليكود بعد خروج نتنياهو منه. و أيّد 47 في المئة من الإسرائيليين في استطلاع رأي، ذلك الطرح.
و يرى معارضو التوقيع على الصفقة أنها تتعارض والمصلحة العامة والديمقراطية الإسرائيلية. ووجهوا انتقادات للمستشار القضائي للحكومة قالوا خلالها، "عليه أن يثبت حكم القانون، ويحافظ على المساواة، ويحفظ ثقة الإسرائيليين بمؤسسات الحكم. أما التوقيع على صفقة قضائية فسيعمل ضد كل هذا، سيضعف الثقة بأجهزة تنفيذ القانون وسيضع وصمة عار على ولاية مندلبليت. على الأخير أن يسمح للمحاكمة أن تنتهي وتقول كلمتها".
من غير المؤكد أن تنجح جهود نتنياهو في التوصل إلى الصفقة خلال فترة مندلبليت فقد بقي للمستشار أسابيع قليلة في منصبه. وفي النيابة العامة، يرون أنه لا يوجد احتمال لأن يتنازلوا عن الاتهام الذي بحسبه نتنياهو أعطى توجيهات لمدير عام وزارة الإعلام، شلومو فلبر، لتخفيف انخفاض الأسعار في الهاتف الخطي الذي تحتاجه "بيزك".
أما المدعون العموم الذين يديرون الملف فهم غاضبون، وفق أحد المسؤولين الذي قال "بالتأكيد يعرفون أنه من ناحية قضائية فإن تأثير الالتفاف الحالي، على فرض أنها لن تنتهي بصفقة، ضئيل جداً.
الاستماع للشهادات سيستمر لفترة طويلة ومن ناحية جماهيرية. للالتفاف الحالي تأثير كبير، حتى للأبواق المخلصة جداً لنتنياهو سيكون من الصعب مواصلة الادعاء بأن كل شيء مفصل في الوقت الذي يريد فيه الرئيس عقد صفقة ادعاء".
في سياق النقاش الإسرائيلي حول الصفقة، هناك مَن اعتبر "بند إبعاد نتنياهو عن السياسة سياسياً، لكنه ينفذ بطرق غير شرعية".
وحسب جهات رافضة للصفقة "فإذا انتهت هذه المحاكمة بإغلاق الملفات وتنفيذ أعمال في خدمة الجمهور وفرض غرامة، سيكون من الواضح أن إبعاده، في الأقل ظاهرياً، كان من البداية هو الهدف الأسمى. هذا لا يمكن أن يكون هدف جهاز القضاء، وبالتأكيد ليس هدف المستشار القانوني للحكومة والنيابة العامة. هذه النهاية أيضاً سينبثق منها سؤال تلقائي وهو: هل كان يجب في الأصل تقديمه للمحاكمة، أو في الأقل هل كان يستحق الشفقة التي صاحبت وصف مؤامراته؟ هل يستحق حقاً وصفه أنه السياسي الأكثر فساداً في تاريخ إسرائيل؟". وكان الرد، "ربما كان من الأفضل ألا تثار هذه المحاكمة، إذا كانت هذه هي النتيجة التي تلوح في الأفق. ولأنه تم عقدها فهناك احتمالان، إما إغلاق الملفات والقول عذراً لقد أخطأنا، وإما الذهاب حتى النهاية".